فهرس الكتاب

إرشاد الساري - ما جاء في سجود القرآن وسنتها

أَبْوَاب سُجُودِ الْقُرْآنِ وَسُنَّتِهَا
( أبواب سجود القرآن) كذا للمستملي، وسقطت البسملة لأبي ذر، ولغير المستملي: باب ما جاء في سجود القرآن ( وسنتها) بتاء التأنيث.
أي: سجدة التلاوة، وللأصيلي: وسنته بتذكير الضمير تاء التأنيث، أي: سنة السجود وهي من السنن المؤكدة عند الشافعية، لحديث ابن عمر عند أبي داود والحاكم: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه.

وقال المالكية: وهل هي سنة أو فضيلة، قولان مشهوران.

وقال الحنفية: واجبة لقوله تعالى: { وَاسْجُدُوا لِلَّهِ} [فصلت: 37، والنجم: 62] وقوله: { وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] ومطلق الأمر للوجوب.

ولنا: أن زيد بن ثابت قرأ على النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- { والنجم} فلم يسجد رواه الشيخان.

وقول عمر: أمرنا بالسجود يعني: للتلاوة، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، رواه البخاري.

ووردت في القرآن في خمسة عشر موضعًا لحديث عمرو بن العاص عند أبي داود والحاكم بإسناد حسن: أقرأني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمس عشرة سجدة في القرآن، منها: ثلاث في المفصل، وفي { الحج} سجدتان.

واتفقت الشافعية والحنفية على السجود في أربع عشرة منها، إلا أن الشافعية قالوا: في الحج، سجدتان وليس سجدة: { ص} ، سجدة تلاوة.


والحنفية عدوها لا ثانية الحج.

فيسجد في: الأعراف، عقب آخرها [الأعراف: 206] وفي الرعد، عقب { والآصال} [الرعد: 15] وفي: النحل، { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] وفي: الإسراء { وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109] وفي: مريم { وَبُكِيًّا} [مريم: 58] وأولى الحج: { يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] وثانيتها { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] وفي الفرقان، { وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60] وفي النمل، { الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 26] وعند الحنفية { وَمَا يُعْلِنُونَ} [النمل: 25] و: ألم السجدة { لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] و: ص، { وَأَنَابَ} [ص: 24] و: فصلت، { يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] وعند المالكية { تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] وآخر: النجم، والانشقاق { لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] و: العلق، آخرها [العلق: 19] .

فلو سجد قبل تمام الآية ولو بحرف لم يصح، لأن وقتها إنما يدخل بتمامها:
والمشهور عند المالكية، وهو القول القديم للشافعي: إنها أحد عشر، فلم يعدوا ثانية الحج، ولا ثلاثة المفصل، لحديث: لم يسجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة.

وأجيب: بأنه ضعيف، وناف وغيره صحيح ومثبت، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم: سجدنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في { إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] و { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] وكان إسلام أبي هريرة سنة سبع من الهجرة.
اهـ.


[ قــ :1031 ... غــ : 1067 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الأَسْوَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "قَرَأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّجْمَ بِمَكَّةَ فَسَجَدَ فِيهَا وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ، غَيْرَ شَيْخٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ.

     وَقَالَ : يَكْفِينِي هَذَا.
فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا".
[الحديث أطرافه في: 1070، 3853، 3972، 4863] .

وبالسند إلى المؤلّف قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة، بندار البصري ( قال: حدّثنا غندر) بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة، محمد بن جعفر ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي إسحاق) السبيعي، واسمه: عمرو بن عبد الله الكوفي ( قال: سمعت الأسود) بن يزيد النخعي ( عن عبد الله) بن مسعود ( رضي الله عنه، قال) :
( قرأ النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، النجم) أي: سورتها حال كونه ( بمكة، فسجد فيها) أي في آخرها ( وسجد من معه غير شيخ) هو: أمية بن خلف، كما يأتي في سورة النجم، إن شاء الله تعالى، أو: الوليد بن المغيرة، أو: عتبة بن ربيعة، أو أبو أحيحة سعيد بن العاصي، أو: أبو لهب، أو: المطلب بن أبي وداعة.
والأول أصح ( أخذ كفًّا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته) وفي سورة النجم: فسجد عليه ( وقال: يكفيني) بفتح المثناة التحتية أول يكفيني ( هذا) .


قال عبد الله بن مسعود، ( فرأيته) أي: الشيخ المذكور ( بعد ذلك قتل كافرًا) أي: ببدر، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: بعد قتل كافرًا.

فإن قلت: لم بدأ المؤلّف بالنجم؟.

أجيب: لأنها أول سورة أنزلت فيها سجدة، كما عند المؤلّف في رواية إسرائيل:
وعورض: بأن الإجماع بأن سورة: اقرأ، أوّل ما نزل.

وأجيب: بأن السابق من اقرأ أوائلها، وأما بقيتها فبعد ذلك، بدليل قصة أبي جهل في نهيه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الصلاة.

ورواة الحديث ما بين: بصري وواسطي وكوفي، وفيه رواية الرجل عن زوج أمه، لأن غندرًا ابن امرأة شعبة، والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في هذا الباب، وفي: مبعث النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والمغازي، والتفسير، وأبو داود والنسائي فيه أيضًا.