فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب سجود المسلمين مع المشركين والمشرك نجس ليس له وضوء

باب سُجُودِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمُشْرِكُ نَجَسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَسْجُدُ عَلَى غير وُضُوءٍ.

( باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس) بفتح الجيم ( ليس له وضوء) صحيح لأنه ليس أهلاً للعبادة.

( وكان ابن عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنهما، يسجد) في غير الصلاة ( على غير وضوء) .

لم يوافقه أحد عليه، لأن السجود في معنى الصلاة، فلا يصح إلا بالوضوء، أو: بدله بشروطه.

نعم، وافق ابن عمر الشعبي فيما رواه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح.

واعترض على الترجمة بأنه: إن أراد المؤلّف الاحتجاج لابن عمر بسجود المشركين، فلا حجة فيه، لأن سجودهم لم يكن للعبادة.
وإن أراد الرد على ابن عمر بقوله: والمشرك نجس، فهو أشبه بالصواب.

وفي رواية الأصيلي: يسجد على وضوء، فأسقط لفظ: غير، والأولى ثبوتها لانطباق تبويب المصنف، واستدلاله عليه.

ويؤيده ما عند ابن أبي شيبة، أن ابن عمر كان ينزل عن راحلته فيريق الماء، ثم يركب، فيقرأ السجدة، فيسجد وما يتوضأ.


[ قــ :1035 ... غــ : 1071 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجَدَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ".

وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ.
[الحديث 1071 - طرفه في: 4862] .

وبالسند إلى المؤلّف قال: ( حدّثنا مسدد) أي: ابن مسرهد ( حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد ( قال: حدّثنا أيوب) هو السختياني ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس رضي الله عنهما) :
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سجد بالنجم) زاد الطبراني في معجمه الصغير: بمكة.


وفيه تنبيه على اتحاد قصة ابن مسعود السابقة، وابن عباس هذه.
قيل: وإنما سجد، عليه الصلاة والسلام لما وصفه الله تعالى في مفتتح السورة من أنه { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] وذكر بيان قربه منه تعالى وأنه { رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] وأنه { مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: 17] شكرًا لله تعالى على هذه النعمة العظمى.

( وسجد معه المسلمون والمشركون) أي: الحاضر منهم، أي: لما سمعوا ذكر طواغيتهم { اللَّاتَ وَالْعُزَّى ( 19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19 - 20] لا لما قيل، مما لا يصح: أنه أثنى على آلهتهم.

وكيف يتصوّر ذلك، وقد أدخل همزة الإنكار على الاستخبار، بعد الفاء في قوله في السورة { أَفَرَأَيْتُمُ} [النجم: 19] المستدعية لإنكار فعل الشرك؟.

والمعنى: أتجعلون هؤلاء أي: اللات والعزى ومناة، شركاء؟ فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كانت آلهة وما هي { إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} بمجرد متابعة الهوى، لا عن حجة أنزل الله تعالى بها.

ملخصًا من شرح المشكاة.

وليكن لنا إلى تحرير المبحث في هذه القصة عودة في سورة: الحج، إن شاء الله تعالى.

وفي كتابي: المواهب اللدنية، من ذلك ما يكفي ويشفي، ولله الحمد والمنة.

( و) كذا سجد معه عليه الصلاة والسلام ( الجن والإنس) هو من باب الإجمال بعد التفصيل، كما في قوله تعالى: { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} قاله الكرماني.

وزاد صاحب اللامع الصبيح: أو تفصيل بعد إجمال، لأن كلاًّ من المسلمين والمشركين شامل للإنس والجن.

فإن قلت: من أين علم ابن عباس سجود الجن؟ جوزنا جواز رؤيتهم بطريق الكشف، لكن ابن عباس لم يحضر القصة لصغر سنه؟.

أجيب: باحتمال استناده في ذلك إلى إخباره عليه الصلاة والسلام، إما بالمشافهة له، أو بواسطة.

( ورواه) أي الحديث ( ابن طهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء آخره نون، ولأبي الوقت في نسخة، وأبي ذر والأصيلي: إبراهيم بن طهمان ( عن أيوب) السختياني.

والحديث أخرجه أيضًا في التفسير، والترمذي في: الصلاة.