فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: قيام النبي صلى الله عليه وسلم الليل حتى ترم قدماه

باب قِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ
.

     وَقَالَتْ  عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: حَتَّى تَفَطَّرَ قَدَمَاهُ.
وَالْفُطُورُ: الشُّقُوقُ.
انْفَطَرَتْ: انْشَقَّتْ.

( باب قيام النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد الحموي في نسخة، والمستملي، والكشميهني، والأصيلي: الليل.

وسقط عند أبي الوقت وابن عساكر ( حتى ترم قدماه) بفتح المثناة الفوقية، وكسر الراء من الورم.

وسقط ذلك أي: حتى ترم قدماه من رواية أبوي ذر، والوقت، والأصيلي.


وللكشميهني في نسخة، والحموي والمستملي: باب قيام الليل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( وقالت عائشة رضي الله عنها) مما وصله في سورة الفتح من التفسير ( حتى) وللكشميهني كان يقوم، ولأبي ذر، عن الحموي والمستملي: قام حتى ( تفطر قدماه) بحذف إحدى التاءين وتشديد الطاء وفتح الراء، بصيغة المضارع.

وللأصيلي: قام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى تتفطر قدماه، بمثناتين فوقيتين على الأصل وفتح الراء.

( والفطور: الشقوق) كما فسره به أبو عبيدة في المجاز: ( انفطرت: انشقت) .
كذا فسره الضحاك، فيما رواه ابن أبي حاتم عنه موصولاً.


[ قــ :1091 ... غــ : 1130 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "إِنْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيَقُومُ -لِيُصَلِّيَ- حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ -أَوْ سَاقَاهُ- فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا"؟ [الحديث 1130 - طرفاه في: 4836، 6471] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون السين المهملة، ابن كدام العامري الهلالي ( عن زياد) بكسر الزاي وتخفيف الياء ابن علاقة الثعلبي ( قال: سمعت المغيرة) بن شعبة ( رضي الله عنه، يقول) :
( إن كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليقوم ليصلّي) بكسر همزة إن وتخفيف النون، وحذف ضمير الشأن تقديره: إنه كان، وبفتح لام ليقوم للتأكيد، وكسر لام ليصلّي.

ولكريمة: ليقوم يصلّي، بحذف لام، يصلّي، وللأربعة: أو ليصلّي، مع فتح اللام على الشك ..
( حتى ترم قدماه) بكسر الراء وتخفيف الميم منصوبة بلفظ المضارع، ويجوز رفعها ( -أو ساقاه-) شك من الراوي، وفي رواية خلاد بن يحيى: حتى ترم، أو تنتفخ قدماه ( فيقال له:) { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] .
وفي حديث عائشة: لِم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك؟ ( فيقول) :
( أفلا) الفاء مسبب عن محذوف، أي: أأترك قيامي وتهجدي لما غفر لي فلا ( أكون عبدًا شكورًا) يعني: غفران الله لي سبب لأن أقوم وأتهجد شكرًا له.
فكيف أتركه؟ كأن المعنى: ألا أشكره، وقد أنعم عليّ وخصني بخير الدارين.

فإن الشكور من أبنية المبالغة يستدعي نعمة خطيرة، وتخصيص العبد بالذكر مشعر بغاية الإكرام والقرب من الله تعالى، ومن ثم وصفه به في مقام الإسراء، ولأن العبودية تقتضي صحة النسبة، وليست إلاّ بالعبادة، والعبادة عين الشكر، وفيه أخذ الإنسان على نفسه بالشّدة في العبادة، وإن أضر ذلك ببدنه.


لكن، ينبغي تقييد ذلك بماذا لم يفض إلى الملال، لأن حالة النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانت أكمل الأحوال، فكان لا يمل من العبادة، وإن أضر ذلك ببدنه، بل صح أنه قال: "وجعلت قرة عيني في الصلاة" رواه النسائي.

فأما غيره، عليه الصلاة والسلام، فإذا خشي الملل ينبغي له أن لا يكدّ نفسه حتى يمل.
نعم الأخذ بالشدة أفضل لأنه إذا كان هذا فعل المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف من جهل حاله وأثقلت ظهره الأوزار، ولا يأمن عذاب النار؟
ورواة هذا الحديث كوفيون، وهو من الرباعيات، وفيه التحديث والعنعنة والسماع والقول، وأخرجه أيضًا في: الرقاق والتفسير، ومسلم في: أواخر الكتاب، والترمذي: في الصلاة، وكذا النسائي وابن ماجة.