فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس»

كتاب الإيمان
بكسر الهمزة وهو لغة التصديق، وهو كما قاله التفتازاني إذعان لحكم المخبر وقبوله وجعله صادقًا، إفعال من الأمن كأن حقيقة آمن به أمنه التكذيب والمخالفة، يعدّى باللام كما في قوله تعالى حكاية عن يوسف: { وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] ، أي مصدق لنا، وبالباء كما في قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الإيمان أن تؤمن بالله".
الحديث.
فليس حقيقة التصديق أن يقع في القلب نسبة التصديق إلى الخبر أو الخبر من غير إذعان وقبول، بل هو إذعان وقبول لذلك بحيث يقع عليه اسم التسليم على ما صرَّح به الإمام الغزالي.
والكتاب من الكتب وهو الجمع والضم، ومن ثم استعمل جامعًا للأبواب والفصول الجامعة للمسائل، والضم فيه بالنسبة إلى الحروف المكتوبة حقيقة، وبالنسبة إلى المعاني المرادة منها مجاز.
ولم يقل في الأول كتاب بدء الوحي لأنه كالمقدمة، ومن ثم بدأ به لأن من شأن المقدمة كونها أمام المراد، وأيضًا فإن من الوحي عرف الإيمان وغيره.


باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ»
وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} - { وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} - { وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} - { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} - { وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} وَقَولُهُ: { أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} .
وَقَولُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: { فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} .
وَقَولُهُ تَعَالَى: { وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} .
وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنَ الإِيمَانِ.
وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ إِنَّ لِلإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ.
فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ.
.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ: { وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} .
.

     وَقَالَ  مُعَاذٌ اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً.
.

     وَقَالَ  ابْنُ مَسْعُودٍ الْيَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عُمَرَ لاَ يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: { شَرَعَ لَكُمْ ... } أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ { شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} : سَبِيلاً وَسُنَّةً.
هذا ( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في الحديث الموصول الآتي تامًّا إن شاء الله تعالى.
( بُنيّ الإسلام على خمس) .
وفي فرع اليونينية كهي، كتاب الإيمان، وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وفي أخرى باب الإيمان وقول النبي، والأول أصح لأن ذكر الإيمان بعد ذكر كتاب الإيمان لا طائل تحته كما لا يخفى، وسقط لفظ باب عند الأصيلي.
والإسلام لغة الانقياد والخضوع، ولا يتحقق ذلك إلا بقبول الأحكام والإذعان، وذلك حقيقة التصديق كما سبق، قال الله تعالى: { فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِين} [الذاريات: 35، 36] فالإيمان لا ينفك عن الإسلام حكمًا فهما متحدان في الصدق وإن تغايرا بحسب المفهوم، إذ مفهوم الإيمان تصديق القلب، ومفهوم الإسلام أعمال الجوارح، وبالجملة لا يصح في الشرع أن يحكم على أحد بأنه مؤمن وليس بمسلم أو مسلم وليس بمؤمن، ولا نعني بوحدتهما سوى هذا.
ومن أثبت التغاير فقد يقال له ما حكم من آمن ولم يسلم أو أسلم ولم يؤمن، فإن أثبت لأحدهما حكمًا ليس بثابت للآخر فقد ظهر بطلان قوله، فإن قيل قوله تعالى: { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] .
صريح في تحقيق الإسلام بدون الإيمان.
أجيب بأن المراد أنهم انقادوا في الظاهر اهـ.
( وهو) أي الإيمان المبوَّب عليه عند المصنف كابن عيينة والثوري وابن جريح ومجاهد ومالك بن أنس وغيرهم من سلف الأمة وخنفها من المتكلمين والمحدثين: ( قول) باللسان وهو النطق بالشهادتين.
( وفعل) ، ولأبي ذر عن الكشميهني وعمل بدل فعل، وهو أعمّ من عمل القلب والجوارح، لتدخل الاعتقادات والعبادات.
وهو موافق لقول السلف اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان.
وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط كماله.
وقال المتأخرون ومنهم الأشعرية وأكثر الأئمة كالقاضي ووافقهم ابن الراوندي من المعتزلة هو تصديق الرسول عليه السلام بما علم مجيئه ضرورة، وتفصيلاً فيما علم تفصيلاً، وإجمالاً فيما علم إجمالاً تصديقًا جازمًا مطلقًا، سواء كان لدليل أم لا، قال الله تعالى: { أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون} [المجادلة: 22] .
وقال عليه الصلاة والسلام: "اللهمّ ثبّث قلبي على دينك".
وإذا ثبت أنه فعل القلب وجب أن يكون عبارة عن مجرد التصديق، وقد خرج بقيد الضرورة ما لم يعلم بالضرورة أنه جاء به كالاجتهادات، وبالجازم التصديق الظني، فإنه غير كافِ.
وقيل هو المعرفة، فقوم بالله وهو مذهب جهم بن صفوان، وقوم بالله وبما جاء به الرسول إجمالاً وهو منقول عن بعض الفقهاء.
وقال الحنفية التصديق بالجنان والإقرار باللسان، قال العلاّمة التفتازاني: إلا أن التصديق ركن لا يحتمل السقوط أصلاً، والإقرار قد يحتمله كما في حالة الإكراه.
فإن قلت: التصديق قد يذهل عنه كما في حالة النوم والغفلة، أجيب: بأن التصديق باقٍ في القلب والذهول إنما هو عن حصوله.
وذهب جمهور المحققين إلى أنه هو التصديق بالقلب وإنما الإقرار شرط لإجراء الأحكام في الدنيا، كما أن تصديق القلب أمر باطني لا بدّ له من علامة اهـ.
وقال النووي: اتفق أهل السُّنَّة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين أن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة ولا يخلد في النار لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقادًا جازمًا خاليًا عن الشكوك ونطق مع ذلك بالشهادتين، فإن اقتصر على أحدهما لم يكن من أهل القبلة أصلاً بل يخلد في النار، إلا أن يعجز عن النطق لخلل في لسانه أو لعدم التمكّن منه لمعالجة المنية أو لغير ذلك، فإنه حينئذ يكون مؤمنًا بالاعتقاد من غير لفظ اهـ.
وقال الكرامية: انطق بكلمتي الشهادة فقط، وقال قوم العمل.
وذهب الخوارج والعلاف وعبد الجبار إلى أنه الطاعة بأسرها فرضًا كانت أو نفلاً.
وذهب الجبائي وابنه وأكثر المعتزلة البصرية إلى أنه الطاعات المفترضه من الأفعال والتروك دون النوافل.
وقال الباقون منهم العمل والنطق والاعتقاد.
والفارق بينه وبين قول السلف السالف أنهم جعلوا الأعمال شرطًا في الكمال، والمعتزلة جعلوها شرطًا في الصحة فهذه ثمانية أقوال، خمسة منها بسيطة والأول والثامن مركب ثلاثي والرابع مركب ثنائي، ووجه الحصر أن الإيمان لا يخرج بإجماع المسلمين عن فعل القلب وفعل الجوارح، فهو حينئذ إما فعل القلب فقط وهو المعرفة على الوجهين أو التصديق المذكور، وإما فعل الجوارح فقط وهو فعل اللسان وهو الكلمتان، أو غير فعل اللسان وهو العمل بالطاعة المطلقة أو المفترضة.
وإما فعل القلب والجوارح معًا، والجارحة إما اللسان وحده أو جميع الجوارح، وهذا كله بالنظر إلى ما عند الله تعالى.
أما بالنظر إلى ما عندنا فالإيمان هو الإقرار فقط، فإذا أقرّ حكمنا بإيمانه اتفاقًا، نعم النزاع واقع في نفس الإيمان والكمال فإنه لا بدّ فيه من الثلاثة إجماعًا فمن أقرّ بالكلمة جرت عليه الأحكام في الدنيا ولم يحكم بكفره، إلا إن اقترن به فعل كالسجود لصنم، فإن كان غير دال عليه كالفسق، فمن أطلق عليه الإيمان فبالنظر إلى إقراره، ومن نفى عنه الإيمان فبالنظر إلى كماله، ومن أطلق عليه الكفر فبالنظر إلى أنه فعل الكافر، ومن نفاه عنه فبالنظر إلى حقيقته.
وأثبت المعتزلة الواسطة فقالوا الفاسق لا مؤمن ولا كافر.
( و) إذا تقرر هذا فاعلم أن الإيمان ( يزيد) بالطاعة ( وينقص) بالمعصية كما عند المؤلف وغيره، وأخرجه أبو نعيم كذا بهذا اللفظ في ترجمة الشافعي من الحلية، وهو عند الحاكم بلفظ الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص، وكذا نقله اللالكائي في كتاب السُّنة عن الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحق بن راهويه، بل قال به من الصحابة عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وابن عباس، وابن عمر، وعمارة، وأبو هريرة، وحذيفة، وعائشة وغيرهم، ومن التابعين كعب الأحبار، وعروة، وطاوس، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم.
وروى اللالكائي أيضًا بسند صحيح عن البخاري قال: لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحدًا منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص.
وأما توقف مالك رحمه الله عن القول بنقصانه فخشية أن يتأول عليه موافقة الخوارج، ثم استدل المؤلف على زيادة الإيمان بثمان آيات من القرآن العظيم مصرّحة بالزيادة، وبثبوتها يثبت المقابل، فإن كل قابل للزيادة قابل للنقصان ضرورة فقال: ( قال) وفي رواية الأصيلي وقال ( الله تعالى) بالواو في سورة الفتح، ولأبي ذر: عز وجل ( ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم) وقال تعالى في الكهف: ( وزدناهم هدى) أي بالتوفيق والتثبيت وهذه الآية ساقطة في رواية ابن عساكر كما في فرع اليونينية كهي، والآية الثالثة في مريم: ( ويزيد الله) بالواو، وفي رواية ابن عساكر يزيد الله، وفي أخرى للأصيلي، وقال: ويزيد الله ( الذين اهتدوا هدى) أي بتوفيقه.
وقال في القتال وفي رواية ابن عساكر والأصيلي، وقوله وفي رواية بإسقاطهما والابتداء بقوله: ( والذين اهتدوا زادهم هدى) بالتوفيق، ( وآتاهم تقواهم) .
أي بيَّن لهم ما يتقون أو أعانهم على تقواهم أو أعطاهم جزاءها، وقال تعالى في المدثر: ( ويزداد) ولابن عساكر والأصيلي، وقوله: ويزداد ( الذين آمنوا إيمانًا) بتصديقهم بأصحاب النار المذكورين في قوله: { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً} الآية [المدّثر: 31] .
( وقوله) تعالى في براءة ( أيّكم زادته هذه) أي السورة ( إيمانًا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانًا) بزيادة العلم الحاصل من تدبرها وبانضمام الإيمان بها وبما فيها إلى إيمانهم.
( وقوله جل ذكره) في آل عمران ( فاخشوهم فزادهم إيمانًا) لعدم التفاتهم إلى من ثبطهم عن قتال المشركين بل ثبت يقينهم بالله وازداد إيمانهم، قال البيضاوي وهو دليل على أن الإيمان يزيد وينقص.
( وقوله تعالى) في الأحزاب ( وما زادهم) أي لما رأوا الخطب أو البلاء في قصة الأحزاب، وسقطت واو وما للأصيلي فقال: ما زادهم ( إلا إيمانًا) بالله ومواعيده، ( وتسليمًا) لأوامره ومقاديره.
فإن قلت: الإيمان هو التصديق بالله وبرسوله والتصديق شيء واحد لا يتجزأ فلا يتصور كماله تارة ونقصه أخرى، أجيب بأن قبوله الزيادة والنقص ظاهر على تقدير دخول القول والفعل فيه.
وفي الشاهد شاهد بذلك، فإن كل أحد يعلم أن ما في قلبه يتفاضل حتى أنه يكون في بعض الأحيان أعظم يقينًا وإخلاصًا وتوكلاً منه في بعضها، وكذلك في التصديق والمعرفة بحسب ظهور البراهين وكثرتها، ومن ثم كان إيمان الصدّيقين أقوى من إيمان غيرهم، وهذا مبني على ما ذهب إليه المحققون من الأشاعرة من أن نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص، وأن الإيمان الشرعي يزيد وينقص بزيادة ثمراته التي هي الأعمال ونقصانها، وبهذا يحصل التوفيق بين ظواهر النصوص الدالّة على الزيادة وأقاويل السلف بذلك، وبين أصل وضعه اللغوي وما عليه أكثر المتكلمين.
نعم يزيد وينقص قوة وضعفًا إجمالاً وتفصيلاً أو تعدّدًا بحسب تعدد المؤمن به.
وارتضاه النووي.
وعزاه التفتازاني في شرح عقائد النسفيّ لبعض المحققين، وقال في المواقف: إنه الحق وأنكر ذلك أكثر المتكلمين والحنفية، لأنه متى قبل ذلك كان شكًّا وكفرًا، وأجابوا عن الآيات السابقة ونحوها بما نقلوه عن إمامهم أنها محمولة على أنهم كانوا آمنوا في الجملة، ثم يأتي فرض بعد فرض فكانوا يؤمنون بكل فرض خاص.
وحاصله أنه كان يزيد بزيادة ما يجب الإيمان به، وهذا لا يتصور في غير عصره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفيه نظر، لأن الاطلاع على تفاصيل الفرائض يمكن في غير عصره عليه السلام، والإيمان واجب إجمالاً فيما علم إجمالاً، وتفصيلاً فيما علم تفصيلاً، ولا خفاء في أن التفصيلي أزيد اهـ.
ثم استدل المؤلف على قبول الزيادة أيضًا بقوله: ( والحب في الله) وهو بالرفع مبتدأ ( والبغض في الله) عطف عليه.
وقوله: ( من الأيمان) خبر المبتدأ وهذا لفظ حديث رواه أبو داود من حديث أبي أمامة لأن الحب والبغض يتفاوتان.
( وكتب عمر بن عبد العزيز) بن مروان الأموي القرشي أحد الخلفاء الراشدين المتوفى بدير سمعان بحمص يوم الجمعة لخمس ليالٍ بقين من رجب سنة إحدى ومائة، ( إلى عديّ بن عديّ) بفتح العين وكسر الدال المهملتين فيهما ابن عمرة بفتح العين الكندي التابعي المتوفى سنة عشرين ومائة، ( ان للإيمان) بكسر همزة ان في اليونينية ( فرائض) بالنصب اسم ان مؤخر أي أعمالاً مفروضة ( وشرائع) أي عقائد دينية ( وحدودًا) أي منهيّات ممنوعة ( وسُننًا) أي مندوبات، وفي رواية ابن عساكر أن الإيمان فرائض بالرفع خبر ان وما بعده معطوف عليه، ووقع للجرجاني فرائع وليس بشيء.
( فمن استكملها) أي الفرائض وما معها فقد ( استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان) فيه إشارة إلى قبول الإيمان الزيادة والنقصان.
ومن ثم ذكره المؤلف هنا استشهادًا لا يقال إنه لا يدل على ذلك بل على خلافه، إذ قال للإيمان كذا وكذا، فجعل الإيمان غير الفرائض وما ذكر معها، وقال من استكملها أي الفرائض وما معها فجعل الكمال لما للإيمان لا للإيمان، لأنا نقول آخر كلامه يُشعِر بذلك حيث قال: فمن استكملها أي الفرائض وما معها استكمل الإيمان.
( فإن أعش فسأبينها) أي فسأوضحها ( لكم) إيضاحًا يفهمه كل أحد منكم.
والمراد تفاريعها لا أصولها إذ كانت معلومة لهم على سبيل الإجمال.
وأراد سأبينها لكم على سبيل التفصيل.
( حتى تعملوا بها، وإن مت فما أنا على صحبتكم بحريص) وليس في هذا تأخير البيان عن وقت الحاجة إذ الحاجة لم تتحقّق، أو أنه علم أنهم يعلمون مقاصدها ولكنه استظهر وبالغ في نصحهم وتنبيههم على المقصود وعرَّفهم أقسام الإيمان مجملاً، وأنه سيذكرها مفصلاً إذا تفرع لها فقد كان مشغولاً بالأهم، وهو من تعاليق المؤلف المجزومة وهي محكوم بصحتها.
ووصله أحمد وابن أبي شيبة في كتاب الإيمان لهما من طريق عيسى بن عاصم، قال: حدّثني عديّ بن عديّ فذكره.
( وقال إبراهيم) الخليل زاد الأصيلي في روايته كما في فرع اليونينية كهي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد عاش فيما روي مائة سنة وخمسًا وسبعين سنة أو مائتي سنة ودفن بحبرون بالحاء المهملة: ( ولكن ليطمئن قلبي) أي ليزداد بصيرة وسكونًا بمضامة العيان إلى الوحي والاستدلال، فإن عين اليقين فيه طمأنينة ليست في علم اليقين ففيه دلالة على قبول التصديق اليقيني للزيادة، وعند ابن جرير بسند صحيح إلى سعيد بن جبير أي يزداد يقيني.
وعن مجاهد لأزداد إيمانًا إلى إيماني.
لا يقال كان المناسب أن ذكر المؤلف هذه الآية عند الآيات السابقة، لأنّا نقول إن هاتيك دلالتها على الزيادة صريحة بخلاف هذه فلذا أخّرها إشعارًا بالتفاوت.
( وقال معاذ) بضم الميم والذال المعجمة وللأصيلي في روايته، وقال معاذ بن جبل كما في فرع اليونينية كهي ابن عمرو الخزرجي الأنصاري المتوفى سنة ثمانية عشر، وله في البخاري ستة أحاديث للأسود بن هلال.
( اجلس بنا) بهمزة وصل ( نؤمن) بالجزم ( ساعة) أي نزداد إيمانًا لأن معاذًا كان مؤمنًا أي مؤمن، وقال النووي معناه نتذاكر الخير وأحكام الآخرة وأمور الدين، فإن ذلك إيمان.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي لا تتعلق فيه للزيادة لأن معاذًا إنما أراد تجديد الإيمان لأن العبد يؤمن في أول مرة فرضًا، ثم يكون أبدًا مجددًا لما نظر أو فكر، وقال في الفتح متعقبًا له وما نفاه أولاً أثبته آخرًا لأن تجديد الإيمان إيمان، وهذا التعليق وصله أحمد وابن أبي شيبة كالأول بسند صحيح إلى الأسود بن هلال، قال: قال لي معاذ: اجلس فذكره، وعرف من هذا أن الأسود أبهم نفسه.
( وقال ابن مسعود) عبد الله وجده غافل بالمعجمة والفاء الهذلي نسبة إلى جده هذيل بن مدركة المتوفّى بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وله في البخاري خمسة وثمانون حديثًا، ( اليقين الإيمان كله) أكده بكل لدلالتها كأجمع على التبعيض للإيمان إذ لا يؤكد بهما إلا ذو أجزاء يصح افتراقها حسًّا أو حكمًا، وهذا التعليق طرف من أثر.
رواه الطبراني بسند صحيح وتتمته والصبر نصف الإيمان.
ولفظ النصف صريح في التجزئة.
( وقال ابن عمر) عبد الله وجدّه الخطاب أحد العبادلة السابق للإسلام مع أبيه أحد الستة المكثرين للرواية المتوفى سنة ثلاث أو أربع وسبعين.
( لا يبلغ العبد) بالتعريف وفي رواية ابن عساكر عبد بالتنكير ( حقيقة التقوى) ، التي هي وقاية النفس عن الشرك والأعمال السيئة والمواظبة على الأعمال الصالحة.
( حتى يدع ما حاك) بالمهملة، والكاف الخفيفة أي اضطرب ( في الصدر) ولم ينشرح له وخاف الإثم فيه.
وفي بعض نسخ المغاربة ما حك بتشديد الكاف، وفي بعض نسخ العراق ما حاك بالألف والتشديد من المحاكة، حكاهما صاحب عمدة القاري والبرماوي.
وقد روى مسلم معناه من حديث النواس بن سمعان مرفوعًا: البرّ حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطّلع الناس عليه.
وفي أثر ابن عمر هذا إشارة إلى أن بعض المؤمنين بلغ كنه الإيمان وبعضهم لم يبلغه، فتجوز الزيادة والنقصان.
( وقال مجاهد) أي ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة غير مصغر على الأشهر المخزومي مولى عبد الله بن السائب المخزومي المتوفى وهو ساجد سنة مائة في تفسير قوله تعالى: { شَرَعَ لَكُمْ} [الشورى: 13] زاد الهروي وابن عساكر من الدين أي ( أوصيناك يا محمد وإياه) أي نوحًا ( دينًا واحدًا) خصّ نوحًا عليه السلام لما قيل أنه الذي جاء بتحريم الحرام وتحليل الحلال، وأوّل من جاء بتحريم الأمهات والبنات والأخوات.
لا يقال إن إياه تصحيف وقع في أصل البخاري في هذا الأثر، وإن الصواب وأنبياءه كما عند عبد بن حميد وابن المنذر وغيرهما.
وكيف يفرد مجاهد الضمير لنوح وحده مع أن في السياق ذكر جماعة، لأنه أجيب بأن نوحًا عليه السلام أفرد في الآية، وبقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عطف عليه وهم داخلون فيما وصى به نوحًا في تفسير مجاهد، وكلهم مشتركون في ذلك، فذكر واحد منهم يغني عن الكل على أن نوحًا أقرب مذكور في الآية، وهو أولى بعود الضمير إليه في تفسير مجاهد، فليس بتصحيف بل هو صحيح، وهذا التعليق أخرجه عبد بن حميد في تفسيره بسند صحيح عن شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح.
( وقال ابن عباس) عبد الله رضي الله عنهما في تفسيره قوله تعالى: { شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] سبيلاً أي طريقًا واضحًا وهو تفسير لمنهاجًا ( وسُنّة) .
يقال شرع يشرع شرعًا أي سنّ، فهو تفسير لشرعة فيكون من باب اللف والنشر الغير المرتب، وسقطت الواو من وقال لابن عساكر، وهذا التعليق وصله عبد الرزاق في تفسيره بسند صحيح وقد وقع هنا في رواية أبي ذر وغيره باب بالتنوين، وهو ثابت في أصل عليه خط الحافظ قطب الدين الحلبي كما قال العيني أنه رآه ورأيته أنا كذلك في فرع اليونينية كهي، لكنه فيها ساقط في رواية الأصيلي وابن عساكر، وأيّده قول الكرماني أنه وقف على أصل مسموع على الفربري بحذفه، بل قال النووي: ويقع في كثير من النسخ هنا باب وهو غلط فاحش وصوابه بحذفه، ولا يصح إدخاله هنا لأنه لا يتعلق له بما نحن فيه، ولأنه ترجم لقوله عليه الصلاة والسلام: بُنِيَ الإسلام ولم يذكره قبل هذا، وإنما ذكره بعده وليس مطابقًا للترجمة.
وعلى هذا فقوله: [الفرقان: 77] ( دعاؤكم إيمانكم) من قول ابن عباس يشير به إلى قوله تعالى: { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} فسمي الدعاء إيمانًا والدعاء عمل، فاحتجّ به على أن الإيمان عمل وعطفه على ما قبله كعادته في حذف أداة العطف، حيث ينقل التفسير.
وهذا التعليق وصله ابن جرير من قوله ابن عباس، وفي رواية أبي ذر لقوله تعالى { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} ومعنى الدعاء في اللغة الإيمان.


باب دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ

[ قــ :8 ... غــ : 8 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ

َ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
[الحديث 8 - طرفه في: 4515] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عبيد الله) بالتصغير وفي الفرع خلافًا لأصله.
وحدّثنا محمد بن إسماعيل يعني البخاري حدّثنا عبيد الله ( بن موسى) بن باذام بالموحدة والذال المعجمة آخره ميم العبسي بفتح المهملة وتسكين الموحدة الشيعي الغير داعية المتوفى بالإسكندرية سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة أو خمس عشرة ومائتين، ( قال: أخبرنا) وفي رواية الهروي، حدّثنا ( حنظلة بن أبي سفيان) بن عبد الرحمن الجمحي المكي القرشي المتوفى سنة إحدى وخمسين ومائة، ( عن عكرمة بن خالد) يعني ابن العاصي المخزومي القرشي، المتوفى بمكة بعد عطاء وهو توفي سنة أربع عشرة أو خمس عشرة ومائة، ( عن ابن عمر) بن الخطاب عبد الله ( رضي الله عنهما) ، هاجر به أبوه واستصغر يوم أُحُد وشهد الخندق وبيعة الرضوان والمشاهد، وكان واسع العلم متين الدين وافر الصلاح وتوفي سنة ثلاث وسبعين وله في البخاري مائتان وسبعون حديثًا ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( بني الإسلام) الذي هو الانقياد ( على خمس) أي خمس دعائم، وقال بعضهم، على بمعنى من أي بني الإسلام من خمس، وبهذا يحصل الجواب عما يقال إن هذه الخمس هي الإسلام، فكيف يكون الإسلام مبنيًّا عليها والمبني لا بدّ أن يكون غير المبني عليه، ولا حاجة إلى جواب الكرماني بأن الإسلام عبارة عن المجموع والمجموع غير كل واحد من أركانه: ( شهادة أن لا إله إلاّ الله و) شهادة ( أن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة) أي المداومة عليها، والمراد الإتيان بها بشروطها وأركانها، ( وإيتاء الزكاة) أي إعطائها مستحقيها بإخراج جزء من المال على وجه مخصوص كما سيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى في محله بعون الله، ( والحج) إلى بيت الله الحرام، ( وصوم) شهر ( رمضان) .
بخفض شهادة على البدل من خمس، وكذا ما بعدها.
ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف أي وهي والنصب بتقدير أعني، قال البدر الدماميني: أما وجه الرفع فواضح، وأما وجه الجر فقد يقال فيه إن البدل من خمس هو مجموع المجرورات المتعاطفة لا كل واحد منها.

فإن قلت: يكون كل منها بدل بعض، قلت حينئذ يحتاج إلى تقدير رابط اهـ.
"ولا" في قوله: لا إله إلاّ الله، هي النافية للجنس وإله اسمها مركب معها تركيب مزج كأحد عشر، والفتحة فتحة بناء، وعند الزجاج فتحة إعراب لأنه عنده منصوب بها لفظًا وخبرها محذوف اتفافًا تقديره موجود، وإلاّ حرف استثناء، والاسم الكريم مرفوع على البدلية من الضمير المستتر في الخبر، وقيل: مرفوع على الخبرية لقوله لا وعليه جماعة.
وفي هذه المسألة مباحث ضربت عليها بعد أن أثبتها خوف الإطالة، ثم إن هذا التركيب عند علماء المعاني يفيد القصر وهو في هذه الكلمة من باب قصر الصفة على الموصوف لا العكس، فإن إله في معنى الوصف.

فإن قلت: لمَ قدّم النفي على الإثبات فقيل لا إله إلا الله ولم يقل الله لا إله إلاّ هو بتقديم الإثبات على النفي؟ أجيب: بأنه إذا نفى أن يكون ثم إله غير الله فقد فرّغ قلبه مما سوى الله بلسانه
ليواطىء القلب وليس مشغولاً بشيء سوى الله تعالى، فيكون نفي الشريك عن الله تعالى بالجوارح الظاهرة والباطنية.
ووجه الحصر في الخمسة أن العبادة إما قولية أو غيرها.
الأولى الشهادتان، والثانية إما تركية أو فعلية، الأولى الصوم، والثانية إما بدنية أو مالية الأولى الصلاة، والثانية الزكاة أو مركبة منهما وهي الحج، وقد ذكره مقدّمًا على الصوم.
وعليه بنى المصنف ترتيب جامعه هذا.
لكن عند مسلم من رواية سعد بن عبيدة عن ابن عمر تأخير الصوم عن الحج، فقال رجل وهو يزيد بن بشر السكسكي: والحج وصوم رمضان.
فقال ابن عمر: لا، صيام رمضان والحج هكذا سمعته من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فيحتمل أن يكون حنظلة رواه هنا بالمعنى لكونه لم يسمع رد ابن عمر على يزيد أو سمعه ونسيه، نعم رواه ابن عمر في مسلم من أربع طرق تارة بالتقديم وتارة بالتأخير.

فإن قلت: لِمَ لم يذكر الإيمان بالأنبياء والملائكة وأسقط الجهاد؟ أجيب: بأن الجهاد فرض كفاية ولا يتعين إلا في بعض الأحوال، وإنما لم يذكر الإيمان بالأنبياء والملائكة لأن المراد بالشهادة تصديق الرسول فيما جاء به، فيستلزم جميع ما ذكر من الاعتقادات.
وفي قوله: بني الخ استعارة بأن يقدر الاستعارة في بني، والقرينة في الإسلام شبه ثبات الإسلام واستقامته على هذه الأركان الخمسة ببناء الخباء على هذه الأعمدة الخمسة، ثم تسري الاستعارة من المصدر إلى الفعل، أو تكون مكنية بأن تكون الاستعارة في الإسلام والقرينة بني على التخييل بأن شبه الإسلام بالبيت، ثم خيل كأنه بيت على المبالغة، ثم أطلق الإسلام على ذلك المخيل، ثم خيل له ما يلزم الخباء المشبه به من البناء، ثم أثبت له ما هو لازم البيت من البناء على الاستعارة التخييلية ثم نسبه إليه ليكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة.
ويجوز أن تكون استعارة بالكناية لأنه شبه الإسلام بمبنيّ له دعائم، فذكر المشبه وطوى ذكر المشبه به وذكر ما هو من خواص المشبه به وهو البناء، ويسمى هذا استعارة ترشيحية، ويجوز أن تكون استعارة تمثيلية، فإنه مثل حالة الإسلام مع أركانه الخمسة بحالة خباء أقيم على خمسة أعمدة وقطبها التي تدور عليه هو شهادة أن لا إله إلاّ الله وبقية شعب الإيمان كالأوتاد للخباء.

وقال في الفتح، فإن قلت: الأربعة المذكورة بعد الشهادة مبنية على الشهادة إذ لا يصح شيء منها إلا بعد وجودها، فكيف يضم مبني إلى مبني عليه في مسمى واحد؟ أجيب: بجواز ابتناء أمر على أمر يبتنى على الأمرين أمر آخر.

فإن قلت: المبني لا بد أن يكون غير المبني عليه.
فالجواب أن المجموع غير من حيث الانفراد عين من حيث الجمع، ومثاله البيت من الشعر يجعل على خمسة أعمدة أحدها أوسط والبقية أركان، فما دام الأوسط قائمًا فمسمى البيت موجود ولو سقط ما سقط من الأركان، فإذا سقط الأوسط سقط مسمى البيت، فالبيت بالنظر إلى مجموعه شيء واحد وبالنظر إلى أفراده أشياء.
وأيضًا فبالنظر إلى أسّه وأركانه الأس أصل والأركان تبع وتكملة، والله الموفق.
ومن لطائف إسناد هذا الحديث

جمعه للتحديث والإخبار والعنعنة وكل رجاله مكيّون إلا عبيد الله فإنه كوفي، وهو من الرباعيات وأخرج متنه المؤلف أيضًا في التفسير ومسلم في الإيمان خماسي الإسناد اهـ.