فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} [الحجرات: 9]

باب { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} فَسَمَّاهُمُ الْمُؤْمِنِينَ
هذا ( باب) بالتنوين وهو ساقط في رواية الأصيلي { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] ، أي تقاتلوا والجمع باعتبار المعنى فإن كل طائفة جمع ( فأصلحوا بينهما) بالنصح والدعاء إلى حكم الله تعالى، وللأصيلي وأبي الوقت اقتتلوا الآية.
( فسماهم المؤمنين) ولابن عساكر مؤمنين مع تقاتلهم كذا في رواية الأصيلي وغيره فصل هذه الآية والحديث التالي لها بباب كما ترى، وأما رواية أبي ذر عن مشايخه فأدخل ذلك في الباب السابق بعد قوله { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] ، لكن سقط حديث أبي بكرة من رواية المستملي.


[ قــ :31 ... غــ : 31 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَيُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ.
قَالَ: ارْجِعْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ».
[الحديث 31 - طرفاه في: 6875، 7083] .


وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عبد الرحمن بن المبارك) بن عبد الله العيشي بفتح العين المهملة وسكون المثناة التحتية وبالشين المعجمة البصري، المتوفى سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائتين قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم أبو إسماعيل الأزرق الأزدي البصري، المتوفى سنة تسع وسبعين ومائة قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( ويونس) بن عبيد بن دينار البصري، المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائة كلاهما ( عن الحسن) أبي سعيد بن أبي الحسن الأنصاري البصري المتوفى سنة ست عشرة ومائة ( عن الأحنف) من الحنف وهو الاعوجاج في الرجل بالهملة والنون أبي بحر الضحاك ( بن قيس) بن معاوية المخضرم، المتوفى بالكوفة سنة سبع وستين في إمارة ابن الزبير أنه ( قال ذهبت لأنصر) أي لأجل أن أنصر ( هذا الرجل) هو على بن أبي طالب كما في مسلم من هذا الوجه، وأشار إليه المؤلف في الفتن بلفظ: أريد نصرة ابن عمّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان ذلك يوم الجمل ( فلقيني أبو بكرة) نفيع بضم النون وفتح الفاء ابن الحرث بن كلدة بالكاف واللام المفتوحتين.
المتوفى بالبصرة سنة اثنتين وخمسين، وله في البخاري أربعة عشر حديثًا ( فقال: أين تريد؟ قلت) وللأصيلي فقلت: أريد مكانًا لأن السؤال عن المكان والجواب بالفعل فيؤوّل بذلك ( أنصر) أي لكي أنصر ( هذا الرجل.

قال: ارجع فإني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
حال كونه ( يقول: إذا التقى المسلمان بسيفيهما) فضرب كل واحد منهما الآخر ( فالقاتل والمقتول في النار) إذا كان القاتل منهما بغير تأويل سائغ أما إذا كانا صحابيين فأمرهما عن اجتهاد وظن لإصلاح الدين فالمصيب منهما له أجران والمخطئ أجر، وإنما حمل أبو بكرة الحديث على عمومه في كل مسلمين التقيا بسيفيهما حسمًا للمادة، وقد رجع الأحنف عن رأي أبي بكرة في ذلك وشهد مع علي باقي حروبه، ولا يقال إن قوله فالقاتل والمقتول في النار يشعر بمذهب المعتزلة القائلين بوجوب العقاب للعاصي، لأن المعنى أنهما يستحقان وقد يعفى عنهما أو واحد منهما فلا يدخلان النار كما قال تعالى: { فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] أي جزاؤه وليس بلازم أن يجازى.
قال أبو بكرة ( فقلت) وللأربعة وكريمة قلت ( يا رسول الله هذا القاتل) يستحق النار لكونه ظالمًا ( فما بال المقتول) وهو مظلوم؟ ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إنه كان حريصًا على قتل صاحبه) مفهومه أن من عزم على المعصية بقلبه ووطن نفسه عليها أثم في اعتقاده وعزمه، ولا تنافي بين هذا وبين قوله في الحديث الآخر "إذا همّ عبدي بسيئة فلم يعملها فلا تكتبوها عليه" لأن المراد أنه لم يوطن نفسه عليها بل مرت بفكره من غير استقرار، ورجال إسناد هذا الحديث كلهم بصريون وفيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وهم: أيوب والحسن والأحنف، واشتمل على التحديث والعنعنة والسماع، وأخرجه المؤلف أيضًا في الفتن، ومسلم وأبو داود والنسائي.