فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب مسجد قباء

باب مَسْجِدِ قُبَاءٍ
فضل ( مسجد قباء) بضم القاف ممدودًا.
وقد يقصر ويذكر على أنه اسم موضع، فيصرف ويؤنث على أنه اسم بقعة.
وبينه وبين المدينة ثلاثة أميال، أو ميلان.
وهو أولّ مسجد أسسه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والمسجد المؤسس على التقوى في قول جماعة من السلف، منهم ابن عباس، وهو مسجد بني عمرو بن عوف.
وسمي باسم بئر هناك، وفي وسطه مبرك ناقته، عليه الصلاة والسلام، وفي صحنه، مما يلي القبلة، شبه محراب هو أوّل موضع ركع فيه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثَمَّ.


[ قــ :1149 ... غــ : 1191 ]
- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- كَانَ لاَ يُصَلِّي مِنَ الضُّحَى إِلاَّ فِي يَوْمَيْنِ.
يَوْمَ يَقْدَمُ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ كَانَ يَقْدَمُهَا ضُحًى فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَيَوْمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ.
قَالَ: وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَزُورُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا".
[الحديث 1191 - أطرافه في: 1193، 1194، 7326] .

وبه قال: ( حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) بن كثير، زاد الهروي، هو الدورقي، نسبة إلى لبس القلانس الدورقية، قال: ( حدّثنا ابن علية) بضم العين المهملة وفتح اللام وتشديد المثناة التحتية، إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، وعلية أمه، قال: ( أخبرنا أيوب) السختياني ( عن نافع) مولى ابن عمر:
( أن ابن عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنهما، كان لا يصلّي من الضحى) أي: في الضحى، أو: من جهة الضحى ( إلا في يومين: يوم يقدم بمكة) بجر يوم، بدلاً من يومين، أو بالرفع، خبر مبتدأ محذوف.
أي: أحدهما يوم.
وللهروي والأصيلي: يوم، كاللاحق بالنصب على الظرفية، ودال: يقدم مفتوحة.
وقال العيني: مضمومة، وبمكة، بموحدة، ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: مكة بحذفها.
( فإنه) أي ابن عمر ( كان يقدمها) أي مكة ( ضحى) أي: في ضحوة النهار، ( فيطوف بالبيت) الحرام ( ثم يصلّى ركعتين) سنة الطواف ( خلف المقام ويوم) عطف على يوم السابق فيعرب إعرابه ( يأتي مسجد قباء، فإنه كان يأتيه كل سبت.
فإذا دخل المسجد كره أن يخرج منه حتى يصلّي فيه)
ابتغاء الثواب.

روى النسائي حديث سهل بن حنيف مرفوعًا: "من خرج حتى يأتي قباء فيصلّي فيه، كان له عدل عمرة".

وعند الترمذي، من حديث أسيد بن حضير، رفعه: "الصلاة في مسجد قباء كعمرة".

وعند ابن أبي شيبة، في أخبار المدينة بإسناد صحيح، عن سعد بن أبي وقاص قال: لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين، أحب إلي من أن آتي بيت المقدس مرتين، لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل.

وفيه: فضل مسجد قباء والصلاة فيه، لكن لم يثبت فيه تضعيف كالمساجد الثلاثة.

( قال) نافع ( وكان) ابن عمر ( يحدث: أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يزوره) أي مسجد قباء، أي: يوم السبت.
كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى في الباب اللاحق، حال كونه ( راكبًا وماشيًا) .




[ قــ :1149 ... غــ : 119 ]
- قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ "إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يَصْنَعُونَ، وَلاَ أَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَىِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَتَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا".


( قال وكان) أي: ابن عمر، ولأبي ذر" وماشيًا".
وكان ( يقول) أي: لنافع ( إنما أصنع كما رأيت أصحاب يصنعون، ولا أمنع أحدًا أن يصلّي) بفتح الهمزة أي: لا أمنع أحدًا الصلاة، وللهروي والأصيلي.
وأبي الوقت: إن صلّى بكسر الهمزة، وفي نسخة: أن يصلّي ( في أي ساعة شاء من ليل أو نهار، غير أن لا تتحروا) أي: لا تقصدوا ( طلوع الشمس ولا غروبها) فتصلوا في وقتيهما.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين: بصري ومدني وكوفي، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في: الصلاة، ومسلم في: الحج وأبو داود.