فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة

باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْبُصَاقِ وَالنَّفْخِ فِي الصَّلاَةِ وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو: نَفَخَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سُجُودِهِ فِي كُسُوفٍ
( باب ما يجوز من البصاق) بالصاد، ويجوز إبدالها زايًا ( و) ما يجوز من ( النفخ في الصلاة) .

( ويذكر) بضم المثناة التحتية، وفتح الكاف مما وصله أحمد، وصححه ابنا خزيمة وحبان من حديث عطاء بن السائب عن أبيه ( عن عبد الله بن عمرو) أي: ابن العاصي، في حديث قال فيه ( نفخ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سجوده في كسوف) ولابن عساكر في الكسوف.

وهو محمول على أنه لم يظهر فيه حرفان، فلو ظهرا أفهما أو لم يفهما، بطلت الصلاة إن كان عامدًا عالمًا بالتحريم:
وعورض بما ثبت في حديث ابن عمرو، عند أبي داود، فإن فيه: ثم نفخ في آخر سجوده فقال: أف أف.
فصرح بظهور الحرفين.
وهذه الزيادة من رواية حماد بن سلمة عن عطاء، وقد سمع منه قبل الاختلاط في قول يحيى بن معين وأبي داود والطحاوي وغيرهم.

وأجاب الخطابي: بأن أف لا تكون كلامًا حتى تشدّد الفاء، قال: والنافخ في نفخه لا يخرج الفاء صادقة من مخرجها، وتعقبه ابن الصلاح بأنه لا يستقيم على قول الشافعية: إن الحرفين كلام مبطل أفهما أو لم يفهما.
وعبر المصنف بلفظ: يذكر المقتضى للتمريض، لأن عطاء بن السائب مختلف في الاحتجاج به، وقد اختلط في آخر عمره.

لكن أورده ابن خزيمة من رواية سفيان الثوري عنه، وهو ممن سمع منه قبل اختلاطه، وأبوه وثقه العجلي، وابن حبان وليس هو من شرطه.



[ قــ :1169 ... غــ : 1213 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَتَغَيَّظَ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ.

     وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ أَحَدِكُمْ، فَإِذَا كَانَ فِي صَلاَتِهِ فَلاَ يَبْزُقَنَّ -أَوْ قَالَ- لاَ يَتَنَخَّمَنَّ -ثُمَّ نَزَلَ فَحَتَّهَا بِيَدِهِ".

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: "إِذَا بَزَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْزُقْ عَلَى يَسَارِهِ".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الأزدي الواشحي، بمعجمة ثم مهملة، البصري قال: ( حدّثنا حماد) بن زيد بن درهم الجهضمي البصري ( عن أيوب) السختياني ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنهما) :
( أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، رأى نخامة في) جدار ( قبلة المسجد) النبوي المدني ( فتغيظ على أهل المسجد، وقال) :
( إن الله) أي: القصد منه تعالى، أو: ثوابه عز وجل، أو: عظمته تعالى ( قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: مواجهة ( أحدكم، فإذا) ولأبوي: ذر، والوقت، وابن عساكر والأصيلي: إذا ( كان في صلاته فلا يبزقن) بضم الزاي ونون التوكيد الثقيلة ( -أو قال: لا يتنخمن-) بالميم بعد الخاء، من النخامة، بضم النون.
لما يخرج من الصدر، وفي رواية الأربعة: فلا يتنخعن، بالعين وهو بمعنى الميم، وقيل: بالعين من الصدر، وبالميم من الرأس ( ثم نزل فحتها) .
بالمثناة الفوقية، وللكشميهني: فحكها، بالكاف، أي: اللنخامة ( بيده) .

سبق في رواية باب: حك المخاط بالحصى، فتناول حصاة فحكها.

( وقال ابن عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنهما) .

( إذا بزق أحدكم فليبزق) بالزاي، فيهما ( على) وللكشميهني: عن ( يساره) ، لا عن يمينه.

وهذا الموقوف، قد روي مرفوعًا من حديث أنس.




[ قــ :1170 ... غــ : 114 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى».

وبه قال ( حدّثنا محمد) هو: ابن بشار بالموحدة والمعجمة المشددة، العبدي.
بالموحدة، البصري قال: ( حدثنا غندر) بضم الغين المعجمة، محمد بن جعفر البصري، قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي الواسطي، ثم البصري ( قال: سمعت قتادة) بن دعامة ( عن أنس) زاد أبوا: ذر، والوقت، والأصيلي: ابن مالك ( رضي الله عنه، عن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :

( إذا كان) المؤمن ( في الصلاة) ولأبوي: ذر، والوقت: إذا قام أحدكم في الصلاة ( فإنه) أي: المصلي ( يناجي ربه) من جهة مساررته بالقرآن، والذكر.
والبارئ، سبحانه وتعالى، يناجيه من جهة لازم ذلك، وهو إرادة الخير، فهو من باب المجاز.
فإن القرينة صارفة له عن إرادة الحقيقة، إذ لا كلام محسوس، إلا من جهة العبد ( فلا يبزقن) المصلي ( بين يديه) في جهة القبلة المعظمة ( ولا عن يمينه) فإن عليه كاتب الحسنات ( ولكن) يبزق ( عن شماله، تحت قدمه اليسرى) ، أي: في غير المسجد، أما فيه: فلا يبزقن إلا في ثوبه.

وهذا محمول على عدم النطق فيه بحرفين، كما في النفخ، أو التنخم، أو البكاء، أو الضحك، أو الأنين، أو التأوّه، أو التنحنح.

وكره مالك النفخ فيها، وقال: لا يقطعها كما يقطعها الكلام، وهو قول أبي يوسف، وأشهب، وأحمد، وإسحاق.

وفي المدونة النفخ بمنزلة الكلام، فيقطعها.

وعن أبي حنيفة ومحمد، إن كان يسمع فهو بمنزلة الكلام، وإلاّ فلا.

وقال الحنفية: إن كان البكاء من خشية الله، لا تبطل به الصلاة مطلقًا.