فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: ليس منا من شق الجيوب

باب لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ
هذا ( باب) بالتنوين ( ليس منا من شق الجيوب) .



[ قــ :1246 ... غــ : 1294 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ الْيَامِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ».
[الحديث 1294 - أطرافه في: 1297، 1298، 3519] .

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين، قال: ( حدّثنا سفيان) النووي، قال: ( حدّثنا زبيد) بزاي مضمومة وموحدة مفتوحة، ابن الحرث بن عبد الكريم، ( اليامي) بمثناة تحتية وبميم مخففة، من بني يام، وللحموي والمستملي، وعزاها في الفتح، والعمدة للكشميهني: الأيامي، بزيادة همزة في أوله ( عن إبراهيم) النخعي ( عن مسروق) هو: ابن الأجدع ( عن عبد الله) بن مسعود ( رضي الله عنه، قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ليس منا) أي: من أهل سنتنا، ولا من المهتدين بهدينا، وليس المراد خروجه عن الدين، لأن المعاصي لا يكفر بها عند أهل السنة.
نعم، يكفر باعتقاد حلها، وعن سفيان: أنه كره الخوض في تأويله، وقال: ينبغي أن يمسك عنه ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر ( من لطم الخدود) كبقية الوجوه، والخدود: جمع خدّ.

قال في العمدة: وإنما جمع وإن كان ليس للإنسان إلا خدّان.
فقط باْعتبار إرادة الجمع، فيكون من مقابلة الجمع بالجمع، وإما على حد قوله تعالى: { وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: 130] وقول العرب: شابت مفارقه، وليس إلا مفرق واحد.

( وشق الجيوب) بضم الجيم جمع جيب من جابه أي قطعه.
قال تعالى: { وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9] وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس للبسه، وفي رواية: من الكم، بل كاف كما في اليونينية ( ودعا بدعوى) أهل ( الجاهلية) .
وهي زمان الفترة قبل الإسلام، بأن قال في بكائه ما يقولون، مما لا يجوز شرعًا كـ: واجبلاه، واعضداه.

وخص الجيب بالذكر في الترجمة، دون أخويه، تنبيهًا على أن النفي الذي حاصله التبري يقع بكل واحد من الثلاثة، ولا يشترط فيه وقوعها معًا، ويؤيده رواية لمسلم بلفظ: أو شق الجيوب، أو دعا ... الخ.
ولأن شق الجيب أشدّها قبحًا مع ما فيه من خسارة المال في غير وجه.

ويستفاد من قوله، في حديث أبي موسى الآتي، إن شاء الله تعالى، بعد باب: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تفسير النهي هنا به.
وأصل البراءة الانفصال من الشيء، فكأنه توعده بأنه لا يدخله في شفاعته، مثلاً.
وهذا يدل على تحريم ما ذكر من شق الجيب وغيره، وكأن السبب في ذلك ما تضمنه من عدم الرضا بالقضاء، فإن وقع التصريح باستحلاله مع العلم بتحريم التسخط مثلاً بما وقع، فلا مانع من حمل النفي على الإخراج من الدين، قاله في الفتح.

ورواة هذا الحديث كوفيون، وفيه: رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، والتحديث والعنعنة

والقول، وأخرجه أيضًا في: مناقب قريش، والجنائز ومسلم في: الإيمان، والترمذي في الجنائز، وكذا النسائي وابن ماجة.