فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الإذخر والحشيش في القبر

باب الإِذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي الْقَبْرِ
( باب) استعمال ( الإذخر) بكسر الهمزة، وسكون الذال المعجمة، نبت طيب الرائحة ( والحشيش) إلحاقًا له بالإذخر في الفرج التي تتخلل بين اللبنات ( في القبر) واستعماله فيه بالبسط ونحوه، لا التطيب.


[ قــ :1296 ... غــ : 1349 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ قال حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «حَرَّمَ اللَّهُ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ لأَحَدٍ

بَعْدِي، أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ: لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُعَرِّفٍ.
فَقَالَ الْعَبَّاسُ -رضي الله عنه- إِلاَّ الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا.
فَقَالَ: إِلاَّ الإِذْخِرَ».

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا».

وَقَالَ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ "سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" مِثْلَهُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ".
[الحديث 1349 - أطرافه في: 1587، 1833، 1834، 2090، 2433، 2783، 2825، 3077، 3189، 4313] .

وبالسند قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله بن حوشب) بفتح المهملة والشين المعجمة، بينهما واو ساكنة آخره موحدة.
الطائفي ( قال: حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي ( قال: حدّثنا خالد) الحذاء ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال) يوم فتح مكة:
( حرم الله عز وجل مكة) أي: جعلها حرامًا يوم خلق السماوات والأرض، ( فلم تحل لأحد قبلي، ولا لأحد) ولأبي الوقت، من غير اليونينية: ولا تحل لأحد ( بعدي، أحلت لي) أي: أبيح لي القتال فيها ( ساعة من نهار) وهي من ضحوة النهار إلى ما بعد العصر، كما في كتاب الأموال لأبي عبيدة؛ وللحموي والمستملي: أحلت له ساعة من النهار، ( لا يختلى) بضم أوله وسكون ثانيه المعجم وفتح لامه ( خلاها) بالقصر وفتح الخاء المعجمة، لا يجز ولا يقطع كلؤها الرطب الذي نبت بنفسه.
( ولا يعضد) بضم أوّله وفتح ثالثه، أي: لا يكسر ( شجرها، ولا ينفر صيدها) أي: لا يزعج من مكانه ( ولا تلتقط لقطتها) بفتح القاف وسكونها، أي: لا ترفع ساقطتها ( إلا لمعرف) يعرفها، ولا يأخذها للتمليك بخلاف سائر البلدان.

( فقال العباس، رضي الله عنه: إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا) أي: ليكن هذا استثناء من الكلأ يا رسول الله، ( فقال) ، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، باجتهاد أو وحي إليه في الحال ( إلا الإذخر) وسقط: إلا، لابن عساكر.
ويجوز أن يكون أوحي إليه قبل ذلك أنه: إن طلب منك أحد استثناء شيء فاستثن.
والإذخر بالرفع على البدل، والنصب على الاستثناء لكونه واقعًا بعد النفي.
لكن المختار، كما قاله ابن مالك، نصبه.
إما لكون الاستثناء متراخيًا عن المستثنى منه، فتفوت المشاكلة بالبدلية، وإما لكون الاستثناء عرض في آخر الكلام، ولم يكن مقصودًا أولاً.

( وقال أبو هريرة رضي الله عنه) مما وصله المؤلّف في كتاب: العلم ( عن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لقبورنا وبيوتنا) ولفظه: إن خزاعة قتلوا رجلاً من بني ليث، عام فتح مكة، بقتيل منهم قتلوه.
فأخبر بذلك

النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فركب راحلته، فخطب فقال: إن الله حبس عن مكة القتل أو الفيل ... الحديث، وفيه: فقال رجل من قريش إلا الإذخر يا رسول الله، فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا أي: لحاجة سقف بيوتنا نجعله فوق الخشب، ولحاجة قبورنا في سد الفرج التي بين اللبنات والفرش، ونحوه.
فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إلا الإذخر.

( قال أبان بن صالح) هو: ابن عمير بن عبيد القرشي، مما وصله ابن ماجة من طريقه ( عن الحسن بن مسلم) هو: ابن يناق، بفتح التحتية وتشديد النون آخره قاف المكي ( عن صفية بنت شيبة) بن عثمان بن أبي طلحة، العبدرية: ( سمعت النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مثله) .
أي: يذكر البيوت والقبور، وقولها: سمعت بسكون العين، ولأبي ذر: سمعت النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بفتح العين وكسر التاء لالتقاء الساكنين.

واختلف في صحبة صفية هذه وأبعد من قال: لا رؤية لها، وقد صرح هنا بسماعها من النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد أخرج ابن منده، من طريق محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن ثور، عن صفية بنت شيبة، قالت: والله لكأني أنظر إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حين دخل الكعبة ... الحديث.

( وقال مجاهد، عن طاوس) مما هو موصول في: الحج ( عن ابن عباس، رضي الله عنهما لقينهم) بفتح القاف وسكون التحتية، أي: فإنه لحاجة حدّادهم ( و) حاجة ( بيوتهم) .
أورده لقوله: لقينهم، بدل قوله: لقبورهم، ولعله أشار إلى ترجيح الرواية الأولى لموافقة رواية أبي هريرة وصفية.