فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب موت يوم الاثنين

باب مَوْتِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ
( باب) فضل ( موت يوم الاثنين) .


[ قــ :1332 ... غــ : 1387 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ -رضي الله عنه- فَقَالَ: فِي كَمْ كَفَّنْتُمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَتْ: فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ.
.

     وَقَالَ  لَهَا: فِي أَىِّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَتْ: يَوْمَ الاِثْنَيْنِ.
قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالَتْ: يَوْمُ الاِثْنَيْنِ.
قَالَ: أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ.
فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ، بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِي فِيهَا.
.

قُلْتُ إِنَّ هَذَا خَلَقٌ.
قَالَ: إِنَّ الْحَىَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ، إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ.
فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلاَثَاءِ، وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ".


وبالسند قال: ( حدّثنا معلى بن أسد) العمى، أخو بهز بن أسد البصري، ( حدّثنا وهيب) بالتصغير ابن خالد البصري ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة، رضي الله عنها، قالت دخلت على أبي بكر) الصديق ( رضي الله عنه) في مرض موته ( فقال: في كم) أي: كم ثوبًا ( كفنتم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ؟ فيه: وكم الاستفهامية وإن كان لها صدر الكلام، ولكن الجار كالجزء له، فلا يتصدر عليه.
( قالت) عائشة: قلت له: كفناه ( في ثلاثة أثواب بيض) بكسر الموحدة، جمع أبيض ( سحولية) بفتح السين وبالحاء المهملتين، نسبة إلى سحول، قرية باليمن كما مر ( ليس فيها قميص، ولا عمامة.
وقال لها)
أيضًا، رضي الله عنهما: ( في أي يوم توفي النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قالت) : توفي ( يوم الاثنين) بنصب يوم على الظرفية.

واستفهامه لها عما ذكر قيل توطئة لعائشة للصبر على فقده، لأنه لم تكن خرجت من قلبها الحرقة لموت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما في بداءته لها بذلك من إدخال الغم العظيم عليها، إذ يبعد أن يكون أبو بكر رضي الله عنه نسي ما سألها عنه مع قرب العهد.

( قال) : أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، ( فأي يوم هذا؟ قالت) : هو ( يوم الاثنين) برفع: يوم، خبر مبتدأ محذوف ( قال: أرجو) أي: أتوقع أن تكون وفاتي ( فيما بيني) أي: فيما بين ساعتي هذه ( وبين الليل) وللحموي والمستملي: وبين الليلة.
( فنظر) وفي نسخة: ثم نظر ( إلى ثوب عليه كان يمرّض فيه) بتشديد الراء ( به ردع) بفتح الراء وسكون الدال آخره عين مهملتين، لطخ وأثر ( من زعفران) لم يعمه، ولأبي الوقت، من غير اليونينية: ردغ، بالغين المعجمة ( فقال: اغسلوا ثوبي هذا) وسقط في بعض النسخ لفظ: هذا ( وزيدوا عليه ثوبين) زاد ابن سعد، عن أبي معاوية، عن هشام: جديدين ( فكفنوني فيها) أي: في الثلاثة، موافقة للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولأبي ذر: فيهما، أي في المزيد والمزيد عليه.
قالت عائشة: ( قلت: إذ هذا) أي: الثوب الذي كان عليه ( خلق) بفتح الخاء واللام أي: غير جديد ( قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو) أي: الكفن ( للمهلة) .
قال النووي: بتثليث الميم: القيح والصديد.

( فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء) بالهمزة ممدودًا، ويضم.
قاله في القاموس، وهو كذلك بالمد مهموزًا في الفرع ( ودفن) من ليلته ( قبل أن يصبح) .

ووقع عند ابن سعد، من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة، أول بدء مرض أبي بكر: أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، وكان يومًا باردًا، فحم خمسة عشر يومًا، ومات مساء ليلة الثلاثاء، لثمان بقين من جمادى الآخرة، سنة ثلاث عشرة.
وترجى الصديق، رضي الله عنه، أن يموت يوم الاثنين، لقصد التبرك، وحصول الخير، لكونه عليه الصلاة والسلام توفي فيه.
فله مزية على غيره من الأيام بهذا الاعتبار.

وقد ورد، في فضل الموت يوم الجمعة، حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: ما من مسلم

يموت يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله فتنة القبر.
رواه الترمذي، وفي إسناده ضعف، فلذا لم يخرجه المؤلّف، وعدل عنه إلى ما وافق شرطه وصح لديه، أحسن الله إليه برحمته عليه.