فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ذكر شرار الموتى

باب ذِكْرِ شِرَارِ الْمَوْتَى
( باب ذكر شرار الموتى) ذكره السابق إشارة إلى أن السب المنهي عنه سب غير الأشرار.


[ قــ :1341 ... غــ : 1394 ]
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ أَبُو لَهَبٍ - عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ - لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، فَنَزَلَتْ { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} .
[الحديث 1394 - أطرافه في: 3525، 3526، 4770، 4801، 4971، 4972، 4973] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عمر بن حفص) قال: ( حدّثنا أبي) حفص بن غياث بن طلق النخعي الكوفي، قال ( حدّثنا الأعمش) سليمان، قال ( حدّثني) بالإفراد ( عمرو بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء، بفتح العين ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال أبو لهب) عبد العزى بن عبد المطلب، ( عليه لعنة الله) ولأبي ذر: لعنه الله ( للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما نزل قوله تعالى: { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] الآية، ورقي عليه الصلاة والسلام الصفا، وقال: يا صباحاه، فاجتمعوا فقال: يا بني عبد المطلب إن أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلاً أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم.
ما جربنا عليك إلا صدقًا، قال: فإني { نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ: 46] فقال أبو لهب ( تبًّا لك) أي: هلاكًا، ونصب على أنه مفعول مطلق حذف عامله وجوبًا ( سائر اليوم) نصب على الظرفية أي: باقي اليوم ألهذا جمعتنا ( فنزلت { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ) [المسد: 1] أي
خسر، وعبر: باليدين عن النفس كقوله: { وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] أو إنما خصهما لأنه لما جمعهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد نزول { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] أخذ أبو لهب حجرًا يرميه به.

ومطابقة الحديث للترجمة في كون ابن عباس ذكر أبا لهب باللعن، وهو من شرار الموتى.

وهذا الحديث، كما لا يخفى، من مراسيل الصحابة، كما جزم به الإسماعيلي، لأن الآية الكريمة نزلت بمكة، وكان ابن عباس إذ ذاك صغيرًا، أو: لم يولد، وكذا رواية أبي هريرة له، الآتية، لأنه إنما أسلم بالمدينة.

وفي الحديث: التحديث والعنعنة، وساقه هنا مختصرًا، ويأتي إن شاء الله تعالى مطوّلاً في: التفسير في الشعراء، وأخرجه مسلم في: الإيمان، والترمذي في: التفسير، وكذا النسائي.
والله أعلم وهذا آخر الجزء الثاني، من شرح العلامة القسطلاني، على صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، تغمدهما الله برحمته، وأسكنهما بحبوحة جنته، إنه على ما يشاء قدير، وبعباده لطيف خبير، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.