فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إنفاق المال في حقه

باب إِنْفَاقِ الْمَالِ فِي حَقِّهِ
( باب إنفاق المال في حقه) .


[ قــ :1354 ... غــ : 1409 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهْوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا».

وبالسند قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) الزمن البصري قال: ( حدّثنا يحيى) القطان ( عن إسماعيل) بن أبي خالد واسمه سعد الكوفي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( قيس) هو ابن حازم واسمه عوف الأحمسي البجلي ( عن ابن مسعود، رضي الله عنه قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( لا حسد) لا غبطة ( إلا في اثنتين) بالتأنيث أي خصلتين ( رجل) بالجر بدل من اثنتين على حذف مضاف.
ولأبي ذر: رجل بالرفع على إضمار مبتدأ أي أحدهما رجل ( آتاه) بالمد أي أعطاه ( الله مالاً فسلطه على هلكته) بفتح اللام وفيه مبالغتان التعبير بالتسليط المقتضي للغلبة وبالهلكة المشعرة بفناء الكل ( في الحق) أخرج التبذير الذي هو صرف المال فيما لا ينبغي ( ورجل) بالجر، ولأبي ذر: ورجل بالرفع ( آتاه الله) أعطاه ( حكمة) القرآن أو السنة كما قال الإمام الشافعي في الرسالة ( فهو يقضي بها ويعلمها) .

فإن قلت: كل خير يتمنى مثله شرعًا فما وجه حصر التمني في هاتين الخصلتين؟ أجاب ابن المنير الحصر هنا غير مراد إنما المراد مقابلة ما في الطباع بضده لأن الطباع تحسد على جمع المال وتذم ببذله فبين الشرع عكس الطبع فكأنه قال: لا حسد إلا فيما تذمون عليه ولا مذمة إلا فيما تحسدون عليه، ووجه المؤاخاة بين الخصلتين أن المال يزيد بالإنفاق ولا ينقص لقوله تعالى: { وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276] ولقوله عليه الصلاة والسلام: "ما نقص مال من صدقة" والعلم يزيد أيضًا بالإنفاق منه وهو التعليم فتواخيا.

وهذا الحديث سبق في كتاب العلم في باب الاغتباط.