فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب مثل المتصدق والبخيل

باب مَثَلِ الْمُتَصَدِّقِ وَالْبَخِيلِ
( باب مثل المتصدق والبخيل) .



[ قــ :1386 ... غــ : 1443 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ».
ح.

وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا.
فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلاَ يُنْفِقُ إِلاَّ سَبَغَتْ -أَوْ وَفَرَتْ- عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ.
.
وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلاَ يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلاَّ لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلاَ تَتَّسِعُ».

تَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ فِي الْجُبَّتَيْنِ.
[الحديث 1443 - أطرافه في: 1444، 2917، 5299، 5797] .




[ قــ :1386 ... غــ : 1444 ]
- وَقَالَ حَنْظَلَةُ عَنْ طَاوُسٍ «جُنَّتَانِ».

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «جُنَّتَانِ».

وبالسند قال: ( حدّثنا موسى) بن إسماعيل التبوذكي قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد قال: ( حدّثنا ابن طاوس) عبد الله ( عن أبيه) طاوس ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( مثل البخيل والمتصدق) وفي الرواية اللاحقة والمنفق ( كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد) بضم الجيم وتشديد الموحدة ولم يسق المؤلّف تمام هذا المتن في هذه الطريق.
نعم أخرجه بهذا الإسناد في الجهاد عن موسى بتمامه ولفظه مثل البخيل والمتصدق مثل رجلين عليهما جبتان بالموحدة من حديد قد اضطرت أيديهما إلى تراقيهما، فكلما همّ المتصدق بصدقته اتسعت عليه حتى تعفي أثره، وكلما همّ البخيل بالصدقة انقبضت كل حلقة إلى صاحبتها وتقلصت عليه وانضمت يداه إلى تراقيه فسمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول فيجتهد أن يوسعها فلا تتسع، أخرجه مسلم أيضًا في الزكاة وكذا النسائي.

قال المؤلّف بالسند: ( ح وحدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) بكسر الزاي وفتح النون عبد الله بن ذكوان ( أن عبد الرحمن) الأعرج ( حدّثه أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( مثل البخيل والمنفق) وفي السابقة والمتصدق ( كمثل رجلين عليهما جبتان) بضم الجيم وتشديد الموحدة كالسابقة ومن رواه هنا بالنون بدل الموحدة فقد صحف، نعم، قال في الفتح: اختلف في رواية الأعرج هذه والأكثر أنها بالموحدة أيضًا، وفي رواية حنظلة وابن هرمز عند المؤلّف بالنون كما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى وهي بالموحدة ثوب مخصوص ولا مانع من إطلاقه على الدرع ( من حديد من ثديهما) بضم المثلثة وكسر الدال المهملة وتشديد المثناة التحتية جمع ثدي ( إلى تراقيهما) بفتح أوله

وكسر القاف جمع ترقوة العظمين المشرفين في أعلى الصدر من رأس المنكبين إلى طرف ثغرة النحر، ( فأما المنفق فلا ينفق) شيئًا ( إلا سبغت) بفتح السين المهملة والموحدة المخففة والغين المعجمة أي امتدت وغطت ( أو وفرت) بتخفيف الفاء من الوفور والشك من الراوي أي كملت ( على جلده حتى تخفي) بضم المثناة الفوقية وسكون الخاء المعجمة وكسر الفاء أي تستر ( بنائه) بفتح الموحدة ونونين الأولى خفيفة أي أصابعه.
وللحميدي: حتى تجن بضم أوله وكسر الجيم وتشديد النون من أجن الشيء إذا ستره.
وذكرها الخطابي في شرحه للبخاري كرواية الحميدي ( وتعفو أثره) بفتح الهمزة واالمثلثة وتعفو نصب عطفًا على تخفي وكلاهما مسند إلى ضمير الجبة وعفا يستعمل لازمًا ومتعديًا تقول: عفت الديار إذا درست وعفاها الريح إذا طمسها ودرست وهو في الحديث متعد أي تمحو أثر مشيه لسبوغها.
يعني: أن الصدقة تستر خطايا المتصدق كما يستر الثوب الذي يجر على الأرض أثر مشي لابسه بمرور الذيل عليه فضرب المثل بدرع سابغة فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه.
والمراد أن الجواد إذا همّ بالصدقة انفسح لها صدره وطابت بها نفسه فتوسعت بالإنفاق.
( وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئًا إلا لزقت) بكسر الزاي أي التصقت ( كل حلقة) بسكون اللام ( مكانها فهو يوسعها ولا تتسع) ولأبي الوقت: فلا تتسع بالفاء بدل الواو وضرب المثل برجل أراد أن يلبس درعًا يستجن به فحالت يداه بينها وبين أن تمر على سائر جسده فاجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته.
والمعنى: أن البخيل إذا حدّث نفسه بالصدقة شحت نفسه وضاق صدره وانقبضت يداه.

( تابعه) أي تابع ابن طاوس ( الحسن بن مسلم) هو ابن يناق في روايته ( عن طاوس في الجبتين) بالموحدة وهذه المتابعة أخرجها المؤلّف في اللباس في باب جيب القميص.
( وقال حنظلة) بن أبي سفيان في روايته ( عن طاوس جنتان) بالنون بدل الموحدة وهذا ذكره المؤلّف أيضًا في اللباس معلقًا، ووصله الإسماعيلي من طريق إسحاق الأزرقي عن حنظلة ( وقال: الليث) بن سعد: ( حدّثني) بالإفراد ( جعفر) هو ابن ربيعة ( عن ابن هرمز) عبد الرحمن ( سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( جنتان) بالنون أيضًا ورجحت هذه الرواية على السابقة لقوله من حديد والجنة في الأصل الحصن وسميت بها الدرع لأنها تجن صاحبها أي تحصنه.