فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب المريض يطوف راكبا

باب الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا
( باب) حكم ( المريض) حال كونه ( يطوف) بالبيت العتيق حال كونه ( راكبًا) .


[ قــ :1563 ... غــ : 1632 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَافَ بِالْبَيْتِ وَهْوَ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَىْءٍ فِي يَدِهِ وَكَبَّرَ".

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد وفي نسخة: حدّثنا ( إسحاق) زاد في بعض النسخ ابن شاهين ( الواسطي قال: حدّثنا خالد) الطحان ( عن خالد الحذاء) بالذال المعجمة والمدّ ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) :
( أن رسول الله عليه الصلاة والسلام طاف بالبيت وهو على بعير) مؤدّبًا ولا كراهة في الطواف راكبًا من غير عذر على المشهور عند الشافعية قاله النووي لكنه خلاف الأولى.
وقال الإمام بعد حكايته عدم الكراهة وفي النفس من إدخال البهيمة التي لا يؤمن تلويثها المسجد شيء، فإن أمكن الاستيثاق فذاك وإلا فإدخالها مكروه اهـ.

وعند الحنفية أن من واجبات الطواف المشي إلا من عذر حتى لو طاف راكبًا من غير عذر لزمه الإعادة ما دام بمكة وإن عاد إلى بلده لزمه الدم، ومذهب المالكية: أنه لا يجوز إلا لعذر فإن طاف راكبًا لغير عذر أعاد إلا أن يرجع إلى بلده فيبعث بهدي، ولو طاف زحفًا مع قدرته على المشي فطوافه صحيح، لكنه يكره عند الشافعية.
وعند الحنابلة: لا شيء عليه عند العجز فإن كان قادرًا فعليه الإعادة إن كان بمكة والدم إن رجع إلى أهله.

وكان عليه الصلاة والسلام ( كلما أتى على الركن) أي الحجر الأسود ( أشار إليه بشيء في يده) الكريمة ( وكبّر) .

فإن قلت: من أين المطابقة بين الحديث والترجمة؟ أجيب: من حيث أن المؤلّف حمل سبب طوافه عليه الصلاة والسلام راكبًا على أنه كان عن شكوى، ويؤيده رواية أبي داود من حديث ابن عباس أيضًا بلفظ: قدم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يشتكي فطاف على راحلته لكن قال: العز بن جماعة ورواية من روى أنه طاف راكبًا لمرض ضعيفة.
قال الشافعي: ولا أعلمه في تلك الحجة اشتكى والذي يظهر أن هذا الطواف الذي ركب فيه عليه الصلاة والسلام هو طواف الإفاضة كما ذكره الشافعي في الأم لأنه عليه الصلاة والسلام طاف في حجة الوداع ثلاثة أسابيع طوافه أوّل القدوم، وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام رمل فيه ومشى أربعًا وطواف الإفاضة وطواف الوداع، والمناسب أن يكون المركوب فيه منهما طواف الإفاضة ليراه الناس ويسألوه عن المناسك لا طواف الوداع، فإنه عليه الصلاة والسلام طافه في السحر بعد أن أخذ الناس المناسك.

فإن قلت: في صحيح مسلم من حديث جابر أنه عليه الصلاة والسلام طاف في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة لأن يراه الناس ويسألوه وسعيه في حجة الوداع كان مرة واحدة وكان عقب طوافه الأول.
أجيب: بأن الواو لا تقتضي الترتيب فيكون طاف أوّل قدومه ماشيًا ثم سعى راكبًا ثم طاف يوم النحر راكبًا.
اهـ.




[ قــ :1564 ... غــ : 1633 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ "شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَالَ: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ.
فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ وَهْوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ".


وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام القعنبي قال: ( حدّثنا مالك) الإمام ( عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل) الأسدي المدني يتيم عروة ( عن عروة) بن الزبير ( عن زينب ابنة) ولأبي ذر بنت ( أم سلمة) زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: شكوت إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أني أشتكي) أي مريضة ( فقال) : عليه الصلاة والسلام:
( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة) ( فطفت ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي) الصبح ( إلى جنب البيت) الحرام ( وهو يقرأ { بالطور وكتاب مسطور} ) وهذا ظاهر فيما ترجم له المؤلّف.