فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} [البقرة: 196]

باب { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196]
هذا ( باب) بالتنوين ( { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} ) قال البيضاوي أي فمن استمتع وانتفع بالتقريب إلى الله تعالى بالعمرة قبل الانتفاع بتقربه بالحج في أشهره ( { فما استيسر من الهدي} ) فعليه دم استيسر بسبب التمتع فهو دم جبران يذبحه إذا أحرم بالحج ولا يأكل منه وقال أبو حنيفة إنه دم نسك فهو كالأضحية ( { فمن لم يجد} ) أي الهدي ( { فصيام ثلاثة أيام في الحج} ) في أيام الاشتغال به بعد الإحرام وقبل التحلل.
وقال أبو حنيفة: في أشهره بين الإحرامين ولا يجوز يوم النحر وأيام التشريق عند الأكثر ( { وسبعة إذا رجعتم} ) إلى أهليكم أو نفرتم وفرغتم من أعماله وهو مذهب أبي حنيفة ( { تلك عشرة} ) فذلك الحساب، وفائدتها أن لا يتوهم أن الواو بمعنى أو كقولك جالس الحسن وابن سيرين وأن يعلم العدد جملة كما علم تفصيلاً، فإن أكثر العرب لم يحسنوا الحساب، وأن المراد بالسبعة العدد دون الكثرة فإنه يطلق لهما ( { كاملة} ) صفة مؤكدة تفيد المبالغة في محافظة العدد ( { ذلك} ) إشارة إلى الحكم المذكور عندنا والتمتع عند أبي حنيفة إذ لا متعة ولا قران لحاضري المسجد عنده فمن فعل ذلك منهم فعليه دم جناية ( { لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} ) [البقرة: 196] وهو من كان من الحرم على مسافة القصر عندنا فإن من كان على أقل فهو مقيم الحرم أو في حكمه ومن مسكنه وراء الميقات عنده وأهل الحرم عند طاوس وغير المكي عند مالك ولفظ رواية أبوي ذر والوقت { فما استيسر من الهدي} إلى قوله: { حاضري المسجد الحرام} فأسقطا بقية الآية.


[ قــ :1616 ... غــ : 1688 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ "سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ الْمُتْعَةِ فَأَمَرَنِي بِهَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْهَدْيِ فَقَالَ فِيهَا جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ.
قَالَ: وَكَأَنَّ نَاسًا كَرِهُوهَا، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ إِنْسَانًا يُنَادِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ.
فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"
قَالَ.

     وَقَالَ  آدَمُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَغُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ "عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ".

وبالسند قال: ( حدّثنا) بالجمع، ولابن عساكر: حدثني ( إسحاق بن منصور) الكوسج المروزي قال: ( أخبرنا النضر) بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن شميل قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا أبو جمرة) بالجيم والراء المفتوحتين بينهما ميم ساكنة نصر بن عمران الضبعي ( قال: سألت ابن عباس -رضي الله عنهما- عن المتعة) أي عن مشروعيتها وهي أن يحرم بالعمرة في أشهر

الحج ويفرغ منها ثم يحج من عامه ( فأمرني بها) أي فأذن لي فيها وإلا فالإفراد أفضل عند الأكثر كما مر ولم ينقل عن ابن عباس خلافه، ( وسألته عن الهدي) أي عن أحكام الهدي والواجب فيها لقوله تعالى: { فمن تمتع بالعمرة} الآية ( فقال) ابن عباس ( فيها) أي في المتعة: ( جزور) بفتح الجيم وضم الزاي على وزن فعول من الجزر وهو القطع من الإبل يقع على الذكر والأنثى ( أو بقرة أو شاة) واحدة الغنم تطلق على الذكر والأنثى من الضأن والمعز، ( أو شرك) بكسر الشين المعجمة وسكون الراء أي النصيب الحاصل للشريك من الشركة ( في) إراقة ( دم) والمراد به هنا على الوجه المصرح به في حديث أبي داود قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "البقرة عن سبعة والجزور عن سبعة" فهو من المجمل والمبين فإذا شارك غيره في سبع بقرة أو جزور أجزأ عنه.

( قال:) أي أبو جمرة ( وكأن ناسًا) يعني كعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وغيرهما ممن نقل عنه الخلاف في ذلك ( كرهوها) أي المتعة ( فنمت فرأيت في المنام كأن إنسانًا) ولابن عساكر: كأن المنادي ( ينادي حج مبرور ومتعة متقبلة فأتيت ابن عباس -رضي الله عنهما- فحدّثته) ، بما رأيت ( فقال:) متعجبًا من الرؤيا التي وافقت السنة ( الله أكبر) ، هذا ( سنة أبي القاسم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي طريقته، وليس المراد بها ما يقابل الغرض لأن السنة الإفراد على الأرجح كما مرّ، واستأنس بالرؤيا لما قام به الدليل الشرعي فإن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءأ من النبوة كما في الصحيح.

( قال، وقال آدم) بن أبي إياس فيما وصله المؤلّف في باب التمتع والإقران وسقط وقال من وقال آدم لأبي ذر ( ووهب بن جرير) فيما وصله البيهقي ( وغندر) وهو محمد بن جعفر البصري مما وصله أحمد عنه الثلاثة ( عن شعبة عمرة متقبلة وحج مبرور) بدل قول النضر متعة قال الإسماعيلي وغيره: تفرد النضر بقوله متعة ولا أعلم أحدًا من أصحاب شعبة رواه عنه إلا قال عمرة، وهذه فائدة إتيان المؤلّف بهذا التعليق فافهم.