فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من اشترى الهدي من الطريق

باب مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ
(باب من اشترى الهدي) بإسكان الدال مع تخفيف الياء ويجوز كسر الدال مع تشديد الياء ما يهدى إلى الحرم من النعم ويجزئ في الأضحية، ويطلق أيضًا على دم الجبران عند توجهه إلى البيت الحرام (من الطريق) سواء كان في الحل أو الحرم.


[ قــ :1620 ... غــ : 1693 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ "قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهم- لأَبِيهِ: أَقِمْ فَإِنِّي لاَ آمَنُهَا أَنْ سَتُصَدُّ عَنِ الْبَيْتِ.
قَالَ: إِذًا أَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عَلَى نَفْسِي الْعُمْرَةَ.
فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ.
قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

     وَقَالَ : مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلاَّ وَاحِدٌ.
ثُمَّ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنْ قُدَيْدٍ، ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، فَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا".

وبالسند قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن أيوب) السختياني (عن نافع) مولى ابن عمر (قال: قال عبد الله بن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- لأبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب في عام نزول الحجاج بمكة لقتال ابن الزبير (أقم) بفتح الهمزة وكسر القاف أمر من الإقامة أي لا تحج في هذه السنة (فإني لا آمنها) بفتح الهمزة

الممدودة والميم المخففة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وابن عساكر: لا إيمنها بكسر الهمزة فتقلب الألف ياء ساكنة على لغة من يكسر حرف المضارعة إذا كان الماضي على فعل بكسر العين ومستقبله يفعل بفتحها نحو: أنا أعلم وأنت تعلم ونحن نعلم وهو يعلم أي لا آمن الفتنة (أن ستصد) بفتح الهمزة وفتح السين والصاد ونصب الدال ورفعها أي ستمنع، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أن تصد (عن البيت قال): ابن عمر (إذا أفعل) نصب بإذا (كما فعل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من الإحلال حين صدّ بالحديبية، (وقد قال الله) تعالى: ({ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} ) [الأحزاب: 21] فأنا أشهدكم أني قد أوجبت على نفسي العمرة فأهل بالعمرة) زاد أبو ذر: من الدار وفيها جواز الإحرام من قبل الميقات وهو من الميقات أفضل منه من دويرة أهله خلافًا للرافعي في تصحيحه عكسه، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحرم بحجته وبعمرة الحديبية من ذي الحليفة ولأن في مصابرة الإحرام بالتقديم عسرًا وتغريرًا بالعبادة وإن كان جائزًا.

(قال) عبد الله بن عبد الله بن عمر: (ثم خرج) أي أبوه إلى الحج (حتى إذا كان بالبيداء أهلّ بالحج والعمرة وقال: ما شأن الحج والعمرة) في العمل (إلا واحد) لأن القارن عنده لا يطوف إلا طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا وهو مذهب الجمهور خلافًا للحنفية.
وأجابوا عن هذا بأن المراد من هذا الطواف طواف القدوم كما مرّ في باب طواف القارن، (ثم اشترى الهدي من قديد) بضم القاف وفتح الدال بعدها موضع في أرض الحل وهذا موضع الترجمة وكونه معه من بلده أفضل وشراؤه من طريقه أفضل من شرائه من مكة ثم من عرفة فإن لم يسقه أصلاً بل اشتراه من منى جاز وحصل أصل الهدي، (ثم قدم) بفتح القاف وكسر الدال مكة (فطاف) بالكعبة (لهما) أي للحج والعمرة (طوافًا واحدًا) وسعى سعيًا واحدًا (فلم يحل) من إحرامه (حتى حلّ) وللحموي: أحل بزيادة ألف قبل الحاء وهي لغة مشهورة يقال: حل وأحل (منهما) أي من الحج والعمرة (جميعًا).