فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من قلد القلائد بيده

باب مَنْ قَلَّدَ الْقَلاَئِدَ بِيَدِهِ
( باب من قلد القلاتد بيده) على الهدايا من غير أن يستنيب.


[ قــ :1626 ... غــ : 1700 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ "أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ.
قَالَتْ عَمْرَةُ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَا فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدَىَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَىْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ".

وبالسند قال ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم) بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي وعمرو بفتح العين وهو ساقط لأبي ذر ( عن) خالته ( عمرة بنت عبد الرحمن) الأنصارية ( أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان) هو الذي استلحقه معاوية، وإنما كان يقال له زياد بن أبيه أو ابن عبيد لأن أمه سمية مولاة الحرث بن كلدة ولدته على فراش عبيد، فلما كان في خلافة معاوية شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بأن زيادًا ولده فاستلحقه معاوية لذلك وأمره على العراقين.
( كتب إلى عائشة -رضي الله عنها- أن

عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-)
بكسر همزة أن في الفرع وفي غيره بالفتح ( قال: من أهدى) أي بعث إلى مكة ( هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج) من محظورًا الإحرام ( حتى ينحر) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول و ( هديه) رفع نائب عن الفاعل ( قالت عمرة) : بنت عبد الرحمن بالسند المذكور: ( فقالت عائشة -رضي الله عنها-: ليس كما قال ابن عباس -رضي الله عنه-)
( أنا فتلت قلائد هدي رسول الله) ولابن عساكر: قلائد هدي النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيدي) بفتح الدال وتشديد الياء وفي أخرى بالإفراد ( ثم قلدها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيديه) الشريفتين ( ثم بعث بها) أي بالبدن إلى مكة ( مع أبي) أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- لما حج بالناس سنة تسع ( فلم يحرم على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيء أحله الله) زاد أبوا ذر والوقت: له ( حتى نحر الهدي) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: حتى نحر الهدي مبنيًا للفاعل أي حتى نحر أبو بكر الهدي.

وقال الكرماني فإن قلت: عدم الحرمة ليس مغيًا إلى النحر إذ هو باق بعده فلا مخالفة بين حكم ما بعد الغاية وما قبلها.
وأجاب: بأنه غاية ليحرم لا للم يحرم أي الحرمة المنتهية إلى النحر اهـ.

وقد وافق ابن عباس جماعة من الصحابة منهم: ابن عمر رواه ابن أبي شيبة، وقيس بن سعد بن عبادة رواه سعيد بن منصور.
وقال ابن المنذر قال عمر وعليّ وقيس بن سعد وابن عمر وابن عباس والنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرون: من أرسل الهدي وأقام حرم عليه ما يحرم على المحرم.
وقال ابن مسعود وعائشة وأنس وابن الزبير وآخرون: لا يصير بذلك محرمًا، وإلى ذلك صار فقهاء الأمصار.
ومن حجة الأوّلين ما رواه الطحاوي وغيره من طريق عبد الملك بن جابر عن أبيه قال: كنت جالسًا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقدّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه وقال "إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على مكان كذا وكذا.
فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي" الحديث.
قال في الفتح: وهذا لا حجة فيه لضعف إسناده.

وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الوكالة ومسلم والنسائي في الحج.