فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب رمي الجمار

باب رَمْيِ الْجِمَارِ
وَقَالَ جَابِرٌ: رَمَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ.

( باب) وقت ( رمي الجمار) واحدها جمرة وهي في الأصل النار المتقدة والحصاة واحدة جمرات المناسك وهي المرادة هنا وهي ثلاث الجمرة الأولى والوسطى وجمرة العقبة يرمين بالجمار قاله في القاموس، وقال القرافي من المالكية: الجمار اسم للحصى لا للمكان والجمرة اسم للحصاة وإنما سمي الوضع جمرة باسم ما جاوره وهو اجتماع الحصى فيه، والأولى منها هي التي تلي مسجد الخيف أقرب ومن بابه الكبير إليها ألف ذراع ومائتا ذراع وأربعة وخمسون ذراعًا وسدس ذراع، ومنها إلى الجمرة الوسطى مائتا ذراع وخمسة وسبعون ذراعًا ومن الوسطى إلى جمرة العقبة مائتا ذراع وثمانية أذرع كل ذلك بذراع الحديد.

( وقال جابر) : هو ابن عبد الله الأنصاري مما وصله مسلم ( رمى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي رمي جمرة العقبة ( يوم النحر ضحى) ، بالتنوين على أنه مصروف وهو مذهب نحاة البصرة سواء قصد التعريف أو التنكير قال في الصحاح: تقول لقيته ضحى وضحى إذا أردت به ضحى يومك، تنوّنه.
وقال في القاموس: الضحو والضحوة والضحية كعشية ارتفاع النهار والضحى فويقه ويذكر ويصغر ضحيا بلا هاء والضحاء بالمد إذا قرب انتصاف النهار وبالضم والقصر وأتيتك ضحوة ضحى وأضحى صار فيها اهـ.

ويدخل وقت الرمي يوم النحر بنصف ليلة النحر لما روى أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسل أم سلمة ليلة النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت ويبقى الرمي إلى آخر يوم النحر.

( ورمى) عليه الصلاة والسلام ( بعد ذلك) الجمار أيام التشريق ( بعد الزوال) ويمتدّ وقته المختار إلى الغروب ويندب تقديمه على صلاة الظهر كما في المجموع عن الأصحاب ولا يجوز تقديمه على الزوال.



[ قــ :1669 ... غــ : 1746 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ وَبَرَةَ قَالَ "سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: مَتَى أَرْمِي الْجِمَارَ؟ قَالَ: إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِهْ.
فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ، قَالَ: كُنَّا نَتَحَيَّنُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا".

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا مسعر) بميم مكسورة فسين ساكنة مفتوحة مهملتين فراء ابن كدام ( عن وبرة) بالواو والموحدة والراء المفتوحات ابن عبد الرحمن المسلي بضم الميم وسكون السين المهملة بعدها لام ( قال: سألت ابن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنهما- متى أرمي الجمار) ؟ أيام التشريق غير يوم النحر ( قال: إذا رمى إمامك) يعني أمير الحاج ( فارمه) بهاء ساكنة للسكت والهمزة وصل، وزاد ابن عيينة عن مسعر بهذا الإسناد فقلت له: أرأيت إن أخر إمامي الرمي أخرجه ابن أبي عمر في مسنده عنه ومن طريقه الإسماعيلي قال وبرة: ( فأعدت عليه) أي على ابن عمر ( المسألة، قال: كنا نتحين) بوزن نتفعل من الحين وهو الزمان أي نراقب الوقت ( فإذا زالت الشمس رمينا) أي الجمار الثلاث في أيام التشريق وكأن ابن عمر خاف على وبرة أن يخالف الأمير فيحصل له منه ضرر، فلما أعاد عليه المسألة لم يسعه الكتمان فأعلمه بما كانوا يفعلونه في زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويشترط أن يبدأ بالجمرة الأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة للاتباع رواه البخاري كما سيأتي مع قوله عليه الصلاة والسلام "خذوا عني مناسككم" ولأنه نسك متكرر فيشترط فيه الترتيب كما في السعي فلا يعتدّ برمي الثانية قبل تمام الأولى ولا بل الثالثة قبل تمام الأوليين.
وقال الحنفية: بسقوط الترتيب فلو بدأ بجمرة العقبة ثم بالوسطى ثم بالتي تلي مسجد الخيف جاز لأن كل جمرة قربة بنفسها فلا يكون بعضها تابعًا للآخر اهـ.

وإذا ترك رمي يوم النحر ورمي أيام التشريق ولو سهوًا لزمه دم.

ورواة هذا الحديث كلهم كوفيون وأخرجه أبو داود.