فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب فرض مواقيت الحج والعمرة

باب فَرْضِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
( باب فرض مواقيت الحج والعمرة) المكانية جمع ميقات مفعال من الوقت الحدود واستعير هنا للمكان اتساعًا وقد لزم شرعًا تقديم الإحرام للآفاقي على وصوله إلى البيت تعظيمًا للبيت وإجلالاً كما تراه في الشاهد من ترجل الراكب القاصد إلى عظيم من الخلق إذا قرب من ساحته خضوعًا له، فلذا لزم القاصد إلى بيت الله تعالى أن يحرم قبل الحلول بحضرته إجلالاً فإن الإحرام تشبه بالأموات وفي ضمن جعل نفسه كالميت سلب اختياره.
وإلقاء قياده متخليًا عن نفسه فارعًا عن اعتبارها شيئًا من الأشياء.


[ قــ :1462 ... غــ : 1522 ]
- حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ "حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- فِي مَنْزِلِهِ وَلَهُ فُسْطَاطٌ وَسُرَادِقٌ -فَسَأَلْتُهُ: مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ؟ قَالَ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ".

وبالسند قال: ( حدّثنا مالك بن إسماعيل) بن زياد بن درهم النهدي قال: ( حدّثنا زهير) هو ابن معاوية الجعفي ( قال: أخبرني) بالإفراد ( زيد بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة الجشمي ( أنه أتى عبد الله بن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنهما- في منزله -وله فسطاط) ببيت من شعر ونحوه ( وسرادق) حول الفسطاط وهو بضم السين وكسر الدال كل ما أحاط بشيء، ومنه: { أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] أو هو الخيمة أو لا يقال لها ذلك إلا إذا كانت من قطن أو ما يغطى به صحن الدار من الشمس وغيرها.
قال في عمدة القاري: والظاهر أن ابن عمر كان معه وأراد سترهم بذلك لا التفاخر.
( فسألته) مقتضى السياق أن يقول فسأله لكنه وقع على سبيل الالتفات، وللإسماعيلي: فدخلت عليه فسألته ( من أين يجوز أن أعتمر: قال) .

( فرضها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي قدرها وبينها أو أوجبها والضمير المنصوب للمواقيت للقرينة

الحالية "لأهل نجد" ساكنيها ومن سلك طريق سفرهم فمر على ميقاتهم، ونجد: بفتح النون وسكون الجيم آخره دال مهملة ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق قاله في الصحاح، وقال في المشارق: ما بين جرش إلى سواد الكوفة وحده مما يلي المغرب الحجاز وعن يسار الكعبة اليمن قال: ونجد كلها من عمل اليمامة.
وقال في النهاية: ما ارتفع من الأرض وهو اسم خاص لما دون الحجاز مما يلي العراق.
قال في القاموس: النجد ما أشرف من الأرض وما خالف الغور أي تهامة وتضم جيمه مذكر أعلاه تهامة واليمن وأسفله العراق والشام وأوله من جهة الحجاز ذات عرق ( قرنًا) ، قال النووي على نحو مرحلتين من مكة.
قال: في القاموس: قرية عند الطائف أو اسم الوادي كله، وغلط الجوهري في تحريكه وفي نسبة أويس القرني إليه لأنه منسوب إلى قرر بن ردمان بن ناحية بن مراد أحد أجداده انتهى، وثبت في مسلم نحوه، لكن قال القابسي: من سكن أراد الجبل، ومن فتح أراد الطريق الذي يقرب منه.
ولأبي ذر: من قرن.

( ولأهل المدينة) يثرب سكانها ومن سلك طريقهم فمر على ميقاتهم "ذا الحليفة" بضم الحاء المهملة وفتح اللام مصغرًا موضع بعده من المدينة ميل كما عند الرافعي، لكن في البسيط: إنها على ستة أميال وصححه في المجموع وهو الذي قاله في القاموس.
وقيل سبعة وفي المهمات الصواب المعروف بالمشاهدة أنها على ثلاثة أميال أو تزيد قليلاً.

( ولأهل الشام) من العريش إلى بالس وقيل إلى الفرات قاله النووي ومن سلك طريقهم ( الجحفة) بضم الجيم وإسكان الحاء المهملة وفتح الفاء قرية على ستة أميال من البحر وثمان مراحل من المدينة ومن مكة خمس مراحل أو ستة أو ثلاثة.
قال ابن الكلبي: كان العماليق يسكنون يثرب فوقع بينهم وبين بني عبيل بفتح المهملة وكسر الموحدة وهم أخوة عاد حرب فأخرجوهم من يثرب فنزلوا مهيعة فجاء سيل فاجتحفهم أي استأصلهم فسميت الجحفة وهي الآن خربة لا يصل إليها أحد لوخمها، وإنما يحرم الناس الآن من رابغ لكونها محاذية لها.
وفي حديث عائشة عند النسائي مرفوعًا: "ولأهل الشام ومصر الجحفة".
قال الولي ابن العراقي: وهذه زيادة يجب الأخذ بها وعليها العمل وزاد نافع في الباب الآتي بعد بابين إن شاء الله تعالى.
قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ويهل أهل اليمن من يلملم" وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في محالها.