فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الإهلال مستقبل القبلة

باب الإِهْلاَلِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ
( باب الإهلال) حال كونه ( مستقبل القبلة) زاد أبو ذر عن المستملي.
الغداة بذي الحليفة.


[ قــ :1489 ... غــ : 1553 ]
- وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ "كَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- إِذَا صَلَّى بِالْغَدَاةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَبْلُغَ الْمَحْرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ اغْتَسَلَ وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَ ذَلِكَ".
تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ فِي الْغَسْلِ.

[الحديث 1553 - أطرافه في: 1554، 1573، 1574] .

( وقال أبو معمر) بفتح اليمين بينهما مهملة ساكنة هو عبد الله بن عمرو المنقري المقعد، وليس هو إسماعيل القطيعي فيما وصله أبو نعيم في مستخرجه من طريق عباس الدورقي عن أبي معمر، وقال ذكره البخاري بلا رواية قال: ( حدثنا عبد الوارث) بن سعيد قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن نافع) مولى ابن عمر ( قال) :
( كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا صلّى بالغداة) أي صلّى الصبح بوقت الغداة، ولأبي ذر عن الكشميهني: إذا صلّى الغداة بإسقاط الموحدة أي الصبح ( بذي الحليفة أمر براحلته فرحلت) بضم الراء وكسر الحاء المخففة ( ثم ركب فإذا استوت به) راحلته قائمة ( استقبل القبلة) حال كونه ( قائمًا) أي مستويًا على ناقته غير مائل أو وصفه بالقيام لقيام ناقته.
وعند ابن ماجة وأبي عوانة في صحيحه من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع كان إذا أدخل رجله في الغرز واستوت به ناقته قائمًا أهلّ ( ثم يلبي) بعد أن يركب راحلته ولا يقطع تلبيته ( حتى يبلغ المحرم) بميم مفتوحة فحاء مهملة ساكنة فراء مفتوحة، ولأبي ذر وابن عساكر ق: الحرم أي أرض الحرم، وفي رواية إسماعيل بن علية إذا دخل أدنى الحرم ( ثم يمسك) ، عن التلبية أو المراد بالحرم المسجد وبالإمساك عن التلبية التشاغل بغيرها من الطواف وغيره.
وروى ابن خزيمة في صحيحه من طريق عطاء قال: كان ابن عمر يدع
التلبية إذا دخل الحرم ولراجعها بعدما يقضي طوافه بين الصفا والروة فالأولى إن المراد إذا دخل الحرم كما في رواية إسماعيل بن علية، ولقوله بعد: ( حتى إذا جاء ذا طوى) بضم الطاء مقصورًا منوّنًا، ولأبي ذر: طوى بكسر الطاء غير منصرف وصحح على عدم الصرف في اليونينية.
ونسب الحافظ ابن حجر كسر الطاء لتقييد الأصيلي، وفي القاموس تثليثها، وقال الكرماني: الفتح أفصح وهو واد

معروف بقرب مكة في صوب طريق العمرة ومساجد عائشة ويعرف اليوم ببئر الزاهر فجعل غاية الإمساك الوصول إلى ذي طوى، ومذهب الشافعية والحنفية يمتد وقت التلبية إلى شروعه في التحلل رميًا أو غيره.
قال الرافعي: ولذلك نقول المعتمر يقطعها إذا افتتح الطواف.

وفي الصحيحين عن الفضل بن عباس قال: كنت رديف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
وروى أبو داود عن ابن عباس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر وعند المالكية خلاف هل يقطع التلبية حين يبتدئ الطواف أو إذا دخل مكة، والأول في المدونة، والثاني في الرسالة، وشهره ابن بشير ونقل الكرماني أن في بعض الأصول حتى إذا حاذى طوى بحاء مهملة من المحاذاة وحذف كلمة ذي قال: والصحيح هو الأول لأن اسم الموضع ذو طوى فقط ( بات به) أي بذي طوى ( حتى يصبح) أي إلى أن يدخل في الصباح ( فإذا صلّى الغداة) الصبح وجواب إذا قوله ( اغتسل) لدخول مكة.

( وزعم) وفي رواية ابن علية عن أيوب ويحدّث ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعل ذلك) المذكور من البيتوتة والصلاة والغسل.

( تابعه) أي تابع عبد الوارث ( إسماعيل) بن علية ( عن أيوب) السختياني ( في الغسل) بفتح الغين المعجمة، ولأبي ذر: في الغسل بضمها أي وغيره، لكن من غير مقصود الترجمة لأن هذه المتابعة وصلها المؤلّف بعد أبواب عن يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا ابن علية به ولم يقتصر على الغسل بل ذكره كله إلا القصة الأولى، وأوّله كان إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية والباقي مثله.
نبه عليه في الفتح، ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فإذا استوت به استقبل القبلة والله أعلم.




[ قــ :1490 ... غــ : 1554 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ "كَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ الْحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ.
وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن داود) بن حماد ( أبو الربيع) العتكيّ الزهراني قال: ( حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام آخره حاء مهملة مصغرًا ابن سليمان الخزاعي المدني.
ويقال: فليح لقب واسمه عبد الملك من طبقة مالك احتج به البخاري وأصحاب السنن وروى له مسلم حديث الإِفك فقط وضعفه يحيى بن معين والنسائي وأبو داود.
وقال الساجي: هو من أهل الصدق وكان يهم.
وقال الدارقطني: مختلف فيه ولا بأس به.
وقال ابن عديّ: له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب وهو عندي لا بأس به اهـ.


ولم يعتمد عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما، وإنما أخرج له أحاديث أكثرها في المتابعات وبعضها في الرقائق.
( عن نافع) مولى ابن عمر ( قال) :
( كان ابن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنهما- إذا أراد الخروج إلى مكة ادّهن بدهن ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد الحليفة) ولأبي ذر: مسجد ذي الحليفة ( فيصلّي) الغداة ( ثم يركب) راحلته ( وإذا) وفي نسخة: فإذا ( استوت به راحلته قائمة أحرم ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفعل) لم يقع في رواية فليح هذه التصريح باستقبال القبلة لأنه من لازم استواء الراحلة عند الأخذ في السير استقبالها القبلة لأن مكة أمامه فهو مستقبل القبلة ضرورة، وقد صرح بالاستقبال في الرواية الأولى وهما حديث واحد، وإنما احتاج إلى رواية فليح لما فيها من زيادة ذكر الدهن الذي ليست له رائحة طيبة، قال المهلب: وإنما كان ابن عمر يدهن ليمنع القمل عن شعره ويجتنب ما له رائحة طيبة صيانة للإحرام.