فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الاغتسال عند دخول مكة

باب الاِغْتِسَالِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ
( باب) استحباب ( الاغتسال عند دخول مكة) ولو لحائض ونفساء، ويستثنى من خرج من مكة فأحرم بالعمرة من مكان قريب كالتنعيم واغتسل للإحرام فلا يسن له الغسل لدخولها لحصول النظافة بالغسل السابق، بخلاف ما إذا أحرم من مكان بعيد كالجعرانة والحديبية وظاهر إطلاقه يتناول المحرم والحلال الداخل لها أيضًا، وقد حكاه الشافعي في الأم عن فعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح، وإنما لم يجب لأنه غسل لمستقبل كغسل الجمعة والعيد نعم يكره تركه وإحرامه جنبًا ومثله حائض ونفساء انقطع دمهما وغير المميز يغسله وليه، ولو عجز عن الغسل لفقد الماء أو غيره تيمم أو وجد ماء لا يكفي غسله توضأ به حكاه الرافعي عن البغوي وأقره.
قال النووي: إن أراد أن يتوضأ ثم يتيمم فحسن، وإن أراد الاقتصار على الوضوء فليس بجيد لأن المطلوب الغسل والتيمم يقوم مقامه دون الوضوء اهـ.

والأقرب الأول ولعله إنما اقتصر على الوضوء كالشافعي في قوله: فإن لم يجد ماء يكفي غسله توضأ فإن لم يجد ماء بحال تيمم فيقوم ذلك مقام الغسل والوضوء تنبيهًا على أن أعضاء الوضوء أولى بالغسل لما فيه من تحصيل الوضوء الذي هو عبادة كاملة وسنة قبل الغسل القائم مقامه التيمم.


[ قــ :1508 ... غــ : 1573 ]
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ "كَانَ ابْنُ عُمَرَ

-رضي الله عنهما- إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ.
ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طُوًى، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ".

وبالسند قال ( حدثني) بالإفراد ( يعقوب بن إبراهيم) بن كثير الدورقي العبدري قال: ( حدّثنا ابن علية) بضم العين وفتح اللام وتشديد المثناة التحتية إسماعيل بن إبراهيم بن سهم وعلية أمه قال: ( أخبرنا أيوب) السختياني ( عن نافع) مولى ابن عمر ( قال: كان ابن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنهما- إذا دخل أدنى الحرم) أول موضع منه ( أمسك عن التلبية) ، يتركها أصلاً أو يستأنفها بعد ذلك إذا تركها عند ابتداء رمي جمرة يوم العقبة يوم العيد لأخذه في أسباب التحلل، ( ثم يبيت بذي طوى) ، بكسر الطاء اسم بئر أو موضع بقرب مكة، ولأبي ذر: طوى بضمها ويجوز فتحها والتنوين وعدمه كما في القاموس، فمن صرفه جعله اسم واد ومكان وجعله نكرة، ومن لم يصرفه جعله بلدة وبقعة وجعله معرفة، ( ثم يصلّي به) أي بذي طوى ( الصبح ويغتسل) ، به وفيه استحباب الاغتسال به وهو محمول على أنه كان بطريقه بأن يأتي من طريق المدينة وإلا اغتسل من نحو تلك المسافة.
قال الطبري: ولو قيل يسنّ له التعريج إليها والاغتسال بها اقتداء وتبركًا لم يبعد قال الأذرعي وبه جزم الزعفراني.
( و) كان ابن عمر -رضي الله عنهما- ( يحدث أن نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يفعل ذلك) المذكور من الإِمساك عن التلبية والبيتوتة والاغتسال بذي طوى أو الإشارة إلى الغسل فقط وهو موضع الترجمة.

وهذا الحديث سبق معلقًا بأتم من هذا في باب الإهلال مستقبل القبلة.