فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم مكة

باب نُزُولِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ
( باب) موضع ( نزول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة) .


[ قــ :1524 ... غــ : 1589 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ: مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ".
[الحديث 1589 - أطرافه في: 1590، 3882، 4284، 4285، 7479] .

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( قال: حدثني) بالإفراد ( أبو سلمة) بن عبد الرحمن ( أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين أراد قدوم مكة) بعد رجوعه من منى وتوجهه إلى البيت الحرام.


( منزلنا) بالرفع مبتدأ ( غدًا) ظرف ( إن شاء الله تعالى) اعتراض بين المبتدأ وخبره وهو قوله: ( بخيف بني كنانة) أي فيه وهو بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية آخره فاء ما انحدر من الجبل وارتفع عن المسيل، والمراد به الحصب ( حيث تقاسموا) أي تحالفوا ( على الكفر) وهو تبرؤهم من بني هاشم وبني المطلب أن لا يقبلوا لهم صلحًا الآتي ذلك في الحديث التالي لهذا الحديث مستوفى إن شاء الله تعالى، وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الهجرة والمغازي.




[ قــ :155 ... غــ : 1590 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ -وَهُوَ بِمِنًى- نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ، يَعْنِي ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -أَوْ بَنِي الْمُطَّلِبِ- أَنْ لاَ يُنَاكِحُوهُمْ وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وَقَالَ سَلاَمَةُ عَنْ عُقَيْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ الضَّحَّاكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ.
وَقَالاَ: بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: بَنِي الْمُطَّلِبِ أَشْبَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: ( حدّثنا الوليد) بن مسلم القرشي الأموي الدمشقي قال: ( حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو ( قال: حدثني) بالإفراد ( الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي) ولأبي ذر: قال رسول الله:
( من الغد) وهو ما بين الصبح وطلوع الشمس ( يوم النحر) .
نصب على الظرفية ( وهو بمنى) أي قال في غداة يوم النحر حال كونه بمنى ومقول قوله عليه الصلاة والسلام ( نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة) والمراد بالغد هنا ثالث عشر ذي الحجة يوم النزول بالمحصب فهو مجاز في إطلاقه كما يطلق أمس على الماضي مطلقًا وإلا فثاني العيد هو الغد حقيقة، وليس مرادًا قاله البرماوي كالكرماني ( حيث تقاسموا) تحالفوا ( على الكفر) .

قال الزهري مما أدرجه من قوله ( يعني) عليه الصلاة والسلام ( ذلك) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني: بذلك أي بخيف بني كنانة ( المحصب) ، بضم الميم وفتح الحاء والصاد المشددة المهملتين، ( وذلك) أي تقاسمهم على الكفر ( أن قريشًا وكنانة) .

قال في الفتح: فيه إشعار بأن في كنانة من ليس قرشيًا إذ العطف يقتضي المغايرة فترجح القول بأن قريشًا من ولد فهر بن مالك على القول بأنهم ولد كنانة.
نعم، لم يعقب النضر غير مالك ولا مالك غير فهر فقريش ولد النضر بن كنانة وأما كنانة فأعقب من غير النضر، ولهذا وقعت المغايرة اهـ.


( تحالفت) بالحاء المهملة وكان القياس فيه تحالفوا لكنه أفرد بصيغة المفرد والمؤنث باعتبار الجماعة ( على بني هاشم وبني عبد المطلب أو بني المطلب) بالشك في جميع الأصول، وعند البيهقي من طريق أخرى: وبني عبد المطلب بغير شك ( أن لا يناكحوهم) فلا يتزوج قريش وكنانة امرأة من بني هاشم وبني عبد المطلب ولا يزوجون امرأة منهم إياهم، ( ولا ببايعوهم) لا يبيعوا لهم ولا يشتروا منهم، وعند الإسماعيلي: ولا يكون بينهم وبينهم شيء ( حتى يسلموا) بضم أوله وإسكان السين المهملة وكسر اللام المخففة ( إليهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وكتبوا بذلك كتابًا بخط منصور بن عكرمة العبدري فشلت يده، أو بخط بغيض بن عامر بن هاشم وعلقوه في جوف الكعبة فاشتد الأمر على بني هاشم وبني عبد المطلب في الشعب الذي انحازوا إليه، فبعث الله الأرضة فلحست كل ما فيها من جور وظلم وبقي ما كان فيها من ذكر الله فأطلع الله رسوله على ذلك فأخبر به عمه أبا طالب
فقال أبو طالب لكفار قريش: إن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني قط أن الله قد سلط على صحيفتكم الأرضة فلحست ما كان فيها من ظلم وجور وبقي فيها ما كان من ذكر الله فإن كان ابن أخي صادقًا نزعتم عن سوء رأيكم وإن كان كاذبًا دفعته إليكم فقتلتموه أو استحييتموه.
قالوا: قد أنصفتنا فوجدوا الصادق المصدوق قد أخبر بالحق فسقط في أيديهم ونكسوا على رؤوسهم، وإنما اختار النزول هناك شكرًا لله تعالى على النعمة في دخوله ظاهرًا ونقضًا لما تعاقدوه بينهم وتقاسموا عليه من ذلك.

( وقال سلامة) بن روح بن خالد الأيلي مما وصله ابن خزيمة في صحيحه ( عن) عمه ( عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأيلي ( ويحيى عن الضحاك) كذا في غير فرع لليونينية.
قال الحافظ ابن حجر: وهي رواية أبي ذر وكريمة وهو وهم، ولغيرهما ويحيى بن الضحاك نسبة لجده وأبوه عبد الله البابلتي بفتح الموحدة الثانية كما رأيته بخط شيخنا الحافظ السخاوي.
وقال العيني: بضمها وبعد اللام المضمومة مثناة فوقية مشدّدة.
وقال الحافظ ابن حجر: بموحدتين وبعد اللام المضمومة مثناة مشددة منسوب إلى جده، وليس له في هذا الكتاب غير هذا الموضع المعلق، وقد وصله أبو عوانة في صحيحه والخطيب في المدرج ( عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو ولكن قال يحيى بن معين: يحيى البابلتي والله لم يسمع عن الأوزاعي شيئًا نعم.
ذكر الهيثم بن خلف الدوري أن أمه كانت تحت الأوزاعي وحينئذٍ فلا يبعد سماعه منه لأنه في حجره.
( أخبرني) بالإِفراد ( ابن شهاب) الزهري ( وقالا) : أي سلامة ويحيى ( بني هاشم وبني المطلب) دون لفظ عبد، وقد تابعه على الجزم بقوله بني هاشم وبني المطلب محمد بن مصعب عن الأوزاعي كما عند أحمد.

( قال أبو عبد الله) البخاري قوله ( بني المطلب) بحذف عبد ( أشبه) أي بالصواب لأن عبد المطلب هو ابن هاشم فلفظ هاشم مغن عنه، وأما المطلب فهو أخو هاشم وهما ابنان لعبد مناف فالمراد أنهم تحالفوا على بني عبد مناف.