فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟

باب كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
هذاأ باب) بالتنوين يذكر فيه (كم اعتمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)؟

[ قــ :1695 ... غــ : 1775 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ "دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ صَلاَةَ الضُّحَى.
قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلاَتِهِمْ فَقَالَ: بِدْعَةٌ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: أَرْبَعًا، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ.
فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ".
[الحديث 1775 - طرفه في: 4253] .

وبالسند قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد البغلاني البلخي قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن مجاهد) هو ابن جبر المفسر (قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد) المدني النبوي (فإذا عبد الله بن عمر جالس) خبر عبد الله (إلى حجرة عائشة) -رضي الله عنها-.
وعند أحمد في رواية مفضل عن منصور فإذا ابن عمر مستند إلى حجرة عائشة (وإذا أناس) بهمزة مضمومة، وفي الفتح: ناس بحذفها للكشميهني وفي الفرع وأصله علامة ثبوتها لأبي الوقت (يصلون في المسجد صلاة الضحى قال): مجاهد (فسألناه) أي ابن عمر (عن صلاتهم) التي يصلونها في المسجد (فقال) أي ابن عمر صلاتهم على هذه الصفة من الاجتماع لها في المسجد (بدعة.
ثم قال): عروة بن الزبير وقع التصريح بأنه عروة في مسلم في رواية عن إسحاق بن راهويه عن جرير (له) أي لابن عمر (كم اعتمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال) "أربع" بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي عمره أربع، ولأبي ذر: أربعًا بالنصب أي اعتمر أربعًا قال ابن مالك: الأكثر في جواب الاستفهام مطابقة

اللفظ والمعنى وقد يكتفى بالمعنى فمن الأول قوله تعالى: { قال هي عصاي أتوكأ} [طه: 18] في جواب: { وما تلك بيمينك يا موسى} [طه: 17] ومن الثاني قوله عليه الصلاة والسلام: أربعين يومًا جوابًا لقول السائل ما لبثه في الأرض فأضمر يلبث ونصب به أربعين، ولو قصد تكميل المطابقة لقال أربعون لأن الاسم المستفهم به في موضع الرفع، فظهر بهذا أن الوجهين جائزان إلا أن النصب أقيس وأكثر نظائر قال: ويجوز أن يكون أربع كتب بلا ألف على لغة ربيعة في الوقف بالسكون على المنصوب النون اهـ.

وهذا مثل ما سبق له قريبًا، وقد مرّ قول العلامة البدر الدماميني أنه مقتض للنصب لا للرفع (إحداهن) أي العمرات كانت (أفي) شهر (رجب) بالتنوين (فكرهنا أن نردّ عليه).




[ قــ :1695 ... غــ : 1776 ]
- قَالَ وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحُجْرَةِ فَقَالَ عُرْوَةُ: يَا أُمَّاهُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَتْ: مَا يَقُولُ؟ قَالَ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ.
قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً إِلاَّ وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ".
[الحديث 1776 - طرفاه في: 1777، 454] .

( قال وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين) -رضي الله عنها- أي حس مرور السواك على أسنانها ( في الحجرة فقال عروة) بن الزبير لعائشة: ( يا أماه) بالألف بين الميم والهاء المضمومة في الفرع وغيره، وقال الحافظ ابن حجر والبرماوي كالكرماني بسكونها، ولأبوي ذرّ والوقت والأصيلي: يا أمه بحذف الألف وسكون الهاء، وفي نسخة: يا أم المؤمنين وهذا بالمعنى الأعم لأنها أم المؤمنين والسابق بالمعنى الأخص لأنها خالته ( ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-؟ ( قالت) : عائشة -رضي الله عنها-: ( ما يقول) عبد الله؟ ( قال) عروة ( يقول) ( إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعتمر أربع عمرات) بسكون الميم وفتحها وضمها والتحريك لأبي ذر ( إحداهن في) شهر ( رجب) ( قالت) أي عائشة ( يرحم الله أبا عبد الرحمن) بن عمر -رضي الله عنهما- ( ما اعتمر) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عمرة إلا وهو) أي ابن عمر ( شاهده) أي حاضر معه ( وما اعتمر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( في) شهر ( رجب قط) قالت ذلك مبالغة في نسبته إلى النسيان ولم تنكر عليه إلا قوله إحداهن في رجب، وزاد مسلم عن عطاء عن عروة قال: وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم سكت.
قال النووي: سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك اهـ.

وبهذا يجاب عما استشكل من تقديم قول عائشة النافي على قول ابن عمر المثبت وهو خلاف القاعدة المقررة.




[ قــ :1698 ... غــ : 1777 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ "سَأَلْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَجَبٍ".


وبه قال: ( حدّثنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد قال: ( أخبرنا ابن جريج) عبد الملك ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عطاء) فو ابن أبي رباح ( عن عروة بن الزبير) بن العوام ( قال: سألت عائشة -رضي الله عنها-) أي عن قول ابن عمر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب ( قالت) : "ما اعتمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في رجب" زاد في الأولى قط.




[ قــ :1699 ... غــ : 1778 ]
- حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ "سَأَلْتُ أَنَسًا -رضي الله عنه-: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ أَرْبَعٌ: عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ حَيْثُ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ حَيْثُ صَالَحَهُمْ، وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ إِذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ -أُرَاهُ- حُنَيْنٍ.
قُلْتُ: كَمْ حَجَّ؟ قَالَ: وَاحِدَةً".
[الحديث 1778 - أطرافه في: 1779، 1780، 3066، 4148] .

وبه قال: (حدّثنا حسان بن حسان) غير مصروف البصري نزيل مكة قال البخاري كان المقرئ يثني عليه، وقال أبو حاتم منكر الحديث لكن روى عنه البخاري حديثين فقط أحدهما هذا، وأخرجه أيضًا عن هدبة وأبي الوليد الطيالسي بمتابعته عن همام والآخر في المغازي عن محمد بن طلحة عن حميد وله طرق أخر عن حميد قال: (حدّثنا همام) بتشديد الميم بعد فتح الهاء ابن يحيى بن دينار العوذي الشيباني البصري (عن قتادة) بن دعامة قال: (سألت أنسًا) هو ابن مالك (-رضي الله عنه-.
كم اعتمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال) (أربع).
بالرفع أي الذي اعتمره أربع (عمرة الحديبية) بتخفيف الياء على الفصيح وعمرة رفع بدل من أربع، ولأبي ذر أربعًا بالنصب أي اعتمر أربع عمر عمرة الحديبية بالنصب بدل من المنصوب (من ذي القعدة) سنة ست (حيث صدّه المشركون) بالحديبية فنحر الهدي بها وحلق هو وأصحابه ورجع إلى المدينة (وعمرة) بالرفع عطفًا على المرفوع، ولأبي ذر: وعمرة بالنصب عطفًا على المنصوب (من العام المقبل في ذي القعدة حين صالحهم) يعني قريشًا وهي عمرة القضاء والقضية، وإنما سميت بهما لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاضى قريشًا فيها لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صدّ عنها إذ لو كان كذلك لكانتا عمرة واحدة، وهذا مذهب الشافعية والمالكية.
وقال الحنفية: هي قضاء عنها.

قال في فتح القدير: وتسمية الصحابة وجميع السلف إياها بعمرة القضاء ظاهر في خلافه وتسمية بعضهم إياها عمرة القضية لا ينفيه فإنه اتفق في الأولى مقاضاة النبي أهل مكة على أن يأتي من العام القبل فيدخل مكة بعمرة ويقيم ثلاثًا وهذا الأمر قضية تصح إضافة هذه العمرة إليها فإنها عمرة كانت عن تلك القضية فهي قضاء عن تلك القضية فتصح إضافتها إلى كل منهما فلا تستلزم الإضافة إلى القضية نفي القضاء وإلإضافة إلى القضاء تفيد ثبوته فيثبت مفيد ثبوته بلا معارض اهـ.

(وعمرة) بالرفع والنصب كما مرّ (الجعرانة).
بكسر الجيم وسكون العين المهملة وتخفيف الراء وبكسر العين وتشديد الراء والأول ذهب إليه الأصمعي وصوبه الخطابي وهي ما بين الطائف ومكة

(إذا) أي حين (قسم غنيمة) بالنصب معمول قسم من غير تنوين لإضافته في الحقيقة إلى حنين (أراه) بضم الهمزة أي أظنه وهو اعتراض بين المضاف وبين (حنين) المضاف إليه وكأن الراوي طرأ عليه شك فأدخل لفظ أراه بينهما، وقد رواه مسلم عن همام بغير شك وحنين واد بينه وبين مكة ثلاثة أميال وكانت في سنة ثمان في زمن غزوة الفتح ودخل عليه الصلاة والسلام بهذه العمرة إلى مكة ليلاً وخرج منها ليلاً إلى الجعرانة فبات بها فلما أصبح وزالت الشمس خرج في بطن سرف حتى جامع الطريق ومن ثم خفيت هذه العمرة على كثير من الناس.

قال قتادة: (قلت): لأنس (كم حج) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ (قال): حج (واحدة) وقد سقط من رواية حسان هذه العمرة الرابعة، ولذا استظهر المؤلّف بطريق أبي الوليد الثابت ذكرها فيه حيث قال وعمرة مع حجته.




[ قــ :1700 ... غــ : 1779 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ "سَأَلْتُ أَنَسًا -رضي الله عنه- فَقَالَ "اعْتَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْثُ رَدُّوهُ، وَمِنَ الْقَابِلِ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةً فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ".

فقال: بالسند السابق ( حدّثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك) الطيالسي قال: ( حدّثنا همام) العوذي ( عن قتادة) بن دعامة ( قال: سألت أنسًا -رضي الله عنه-) أي كم اعتمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال) : ( اعتمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث ردوه) أي المشركون بالحديبية ( و) اعتمر ( من) العام ( القابل عمر الحديبية) وهي عمرة القضاء وهي وسابقتها من الحديبية أو قوله والحديبية يتعلق بقوله حين ردوه ( و) اعتمر ( عمرة في ذي القعدة) وهي عمرة الجعرانة ( و) اعتمر ( عمرة) وهي الرابعة ( مع حجته) وهذا بعينه هو الحديث الأول بمتنه وسنده ولكن شيخه في الأول حسان وفي الثاني أبو الوليد، وأسقط في الأول العمرة الرابعة وأثبتها في هذا كمسلم من طريق عبد الصمد عن هشام لكن قال: الكرماني: إنها داخلة في الحديث الأول ضمن الحج لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إما أن يكون متمتعًا أو قارنًا أو مفردًا، والمشهور عن عائشة أنه كان مفردًا لكن ما ذكر هنا يشعر بأنه كان قارنًا وكذا ابن عمر أنكر على أنس كونه كان قارنًا مع أن حديثه المذكور هنا يدل على أنه كان قارنًا لأنه لم ينقل أنه اعتمر بعد حجته فلم يبق إلا أنه اعتمر مع حجته ولم يكن متمتعًا لأنه اعتذر عن ذلك بكونه ساق الهدي وقد كان أحرم أولاً بالحج ثم أدخل عليه العمرة بالعقيق.
ومن ثم اختلف في عدد عمره فمن قال أربعًا فهذا وجهه، ومن قال ثلاثًا أسقط الأخيرة لدخول أفعالها في الحج، ومن قال اعتمر عمرتين أسقط عمرة الحديبية لكونهم صدّوا عنها، وأسقط الأخيرة لما ذكر وأثبت عمرة القضية والجعرانة.




[ قــ :1700 ... غــ : 1780 ]
- حَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ.

     وَقَالَ  "اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، إِلاَّ الَّتِي اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَتَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَمِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَمِنَ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ".

وبه قال: ( حدّثنا هدب) بضم الهاء وسكون المهملة وفتح الموحدة بغير تنوين ابن خالد القيسي قال: ( حدّثنا همام) أي المذكور ( قال) : أي بالإسناد المذكور وهو عن قتادة عن أنس ( اعتمر) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أربع عمر) كلهن ( في ذي القعدة إلا التي اعتمر) وللحموي والمستملي إلا الذي بصيغة المذكر أي إلا النسك الذي اعتمر ( مع حجته) في ذي الحجة ثم بين الأربعة المذكورة بقوله: ( عمرته) نصب باعتمر ( من الحديبية) وهي الأولى ( و) الثانية ( من العام المقبل) وهي عمرة القضية ( و) الثالثة ( من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين) بالصرف ( و) الرابعة ( عمرة مع حجته) في ذي الحجة كما مرّ.
قال القابسي: هذا الاستثناء كلام زائد وصوابه أربع عمر في ذي القعدة وعمرته من الحديبية إلى آخره وقد عدها في آخر الحديث فكيف يستثنيها أولاً؟ قال عياض: والرواية عندي هي الصواب وقد عدها بعد في الأربع فكأنه قال: في ذي القعدة منها ثلاث والرابعة عمرته في حجته.




[ قــ :1701 ... غــ : 1781 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ "سَأَلْتُ مَسْرُوقًا وَعَطَاءً وَمُجَاهِدًا فَقَالُوا: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ.
.

     وَقَالَ : سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ مَرَّتَيْنِ".
[الحديث 1781 - أطرافه في: 1844، 698، 699، 700، 3184، 451] .

وبه قال: (حدّثنا أحمد بن عثمان) بن حكيم بن دينار الأودي قال: (حدّثنا شريح بن مسلمة) بفتح اليمين واللام وشريح بالشين المعجمة المضمومة والحاء المهملة قال: (حدّثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه) يوسف بن إسحاق الهمداني السبيعي (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (قال: سألت مسروقًا) يعني ابن الأجدع (وعطاء) هو ابن أبي رباح (ومجاهدًا) هو ابن جبر أي كم اعتمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا): (اعتمر رسول الله) ولأبي الوقت: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذي القعدة) وسقط قوله في ذي القعدة في رواية أبوي ذر والوقت (قبل أن يحج) حجة الوداع.

(وقال: سمعت البراء بن عازب -رضي الله عنهما- يقول): (اعتمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين) لا يدل على نفي غيره لأن مفهوم العدد لا اعتبار له، وقيل إن البراء لم يعدّ الحديبية لكونها لم تتم والتي مع حجته لأنها دخلت في أفعال الحج وكلهن أي الأربعة في القعدة في أربعة أعوام على ما هو الحق كما ثبت عن عائشة وابن عباس -رضي الله عنهم- لم يعتمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا في ذي القعدة، ولا ينافيه كون عمرته التي مع حجته في ذي الحجة لأن مبدأها كان في ذي القعدة لأنهم خرجوا لخمس بقين من ذي القعدة كما في الصحيح وكان إحرامه بها في وادي العقيق قبل أن يدخل ذو الحجة وفعلها كان في ذي الحجة فصح طريقًا الإثبات والنفي.

وأما ما رواه الدارقطني عن عائشة خرجت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمرة رمضان فقد حكم الحفاظ بغلط هذا الحديث إذ لا خلاف أن عمره لم تزد على أربع، وقد عينها أنس وعدّها ونيس فيها

ذكر شيء منها في غير ذي القعدة سوى التي مع حجته ولو كانت له عمرة في رجب وأخرى في رمضان لكانت ستًا ولو كانت أخرى في شوال كما هو في سنن أبي داود عن عائشة أنه عليه الصلاة والسلام اعتمر في شوال كانت سبعًا، والحق في ذلك أن ما أمكن فيه الجمع وجب ارتكابه دفعًا للمعارضة وما لم يمكن فيه حكم بمقتضى الأصح والأثبت وهذا أيضًا ممكن الجمع بإرادة عمرة الجعرانة فإنه عليه الصلاة والسلام خرج إلى حنين في شوال والإحرام بها في القعدة فكان مجازًا للقرب هذا إن صح وحفظ وإلاّ فالمعول عليه الثابت والله أعلم.

ورواة هذا الحديث كلهم كوفيون إلا عطاء ومجاهدًا فمكيان، وفيه التحديث والعنعنة والسؤال والسماع والقول.