فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

باب مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوِ الْغَزْوِ؟
باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو.


[ قــ :1717 ... غــ : 1797 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاَثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ.
آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ.
صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ".
[الحديث 1797 - أطرافه في: 2995، 3084، 4116، 6385] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن نافع)
مولى ابن عمر ( عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-) ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا قفل) رجع ( من

غزو أو حج أو عمرة يكبر)
الله تعالى ( على كل شرف) بفتحتين مكان عال ( من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) قال القرطبي في تعقيب التكبير بالتهليل إشارة إلى أنه التفرد بإيجاد جميع الموجودات وأنه المعبود في جميع الأماكن ( آيبون) بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي نحن آيبون جمع آيب أي راجع وزنه، ومعناه أي راجعون إلى الله.
وليس المراد الإخبار بمحض الرجوع فإنه تحصيل الحاصل بل الرجوع في حالة مخصوصة وهي تلبسهم بالعبادة الخصوصة والاتصاف بالأوصاف المذكور ( تائبون) من التوبة وهي الرجوع عما هو مذموم شرعًا إلى ما هو محمود شرعًا وفيه إشارة إلى التقصير في العبادة قاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على سبيل التواضع أو تعليمًا لأمته ( عابدون ساجدون لربنا حامدون) كلها رفع بتقدير نحن والجار والمجرور متعلق بساجدون أو بسائر الصفات على طريق التنازع ( صدق الله وعده) فيما وعد به من إظهار دينه بقوله تعالى: { وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً} [الفتح: 20] وقوله تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} [النور: 55] الآية، وهذا في الغزو ومناسبته للحج قوله تعالى: { لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ} [الفتح: 27] ( ونصر عبده) محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وهزم الأحزاب) يوم الأحزاب أو أحزاب الكفر في جميع الأيام والمواطن ( وحده) من غير فعل أحد من الآدميين، ويحتمل أن يكون خبرًا بمعنى الدعاء أي اللهم أهزم الأحزاب والأول أظهر، وظاهر قوله من غزو أو حج أو عمرة اختصاصه بها والذي عليه الجمهور أنه يشرع في كل سفر طاعة كطلب علم، وقيل يتعدى إلى المباح لأن المسافر فيه لا ثواب له فلا يمتنع عليه ما يحصل له الثواب، وقيل يشرع في سفر المعصية أيضًا لأن مرتكب المعصية أحوج إلى تحصيل الثواب من غيره وتعقب بأن الذي يخصه بسفر الطاعة لا يمنع المسافر في مباح ولا معصية من الإكثار من ذكر الله تعالى وإنما النزاع في خصوص هذا الذكر في هذا الوقت المخصوص فخصه قوم به كما يختص الذكر المأثور عقب الأذان والصلاة اهـ.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الدعوات، ومسلم في الحج، وأبو داود في الجهاد، والنسائي في السير.