فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: النسك شاة

باب النُّسُكُ شَاةٌ
هذا ( باب) بالتنوين ( النسك) المذكور في قوله تعالى: { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة: 196] ( شاة) وأما ما رواه أبو داود والطبراني وعبد بن حميد وسعيد بن منصور من طرق تدور على نافع أن كعبًا لما أصابه الأذى فحلق فأهدى بقرة فاختلف على نافع في الواسطة الذي بينه وبين كعب، وقد عارضه ما هو أصح منه من أن الهدي الذي أمر به كعب وفعله في النسك إنما هو شاة بل قال الحافظ زين الدين العراقي: لفظ البقرة منكر شاذ.


[ قــ :1736 ... غــ : 1817 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ -رضي الله عنه- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَآهُ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ القملُ، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ".

وبالسند قال: ( حدّثنا إسحاقُ) هو ابن راهويه كما جزم به أبو نعيم قال: ( حدثنا روح) هو ابن عبادة قال: ( حدّثنا شبل) بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة بن عباد المكي ( عن ابن أبي نجيح) عبد الله المكي ( عن مجاهد قال: حدثني) بالإفراد ( عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رآه وأنه) وفي نسخة ودوابه ( يسقط على وجهه) أي القمل فالفاعل محذوف وضمير النصب من قوله رآه عائد على كعب ومن أنه عائد على القمل، وكذا ضمير الرفع المستتر في قوله: يسقط عائد أيضًا على القمل، والضمير من وجهه عائد على كعب والواو للحال.
قال الحافط ابن حجر: ولابن السكن وأبي ذر.
ليسقط بزيادة لام ( فقال) :
( أيؤذيك هوامك؟ قال: نعم فأمره) عليه الصلاة والسلام ( أن يحلق) رأسه ( وهو بالحديبية ولم يتبين لهم) أي لم يظهر لمن كان معه عليه الصلاة والسلام في ذلك الوقت ( أنهم يحلون) من إحرامهم ( بها) أي بالحديبية.
( وهم) أي الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن معه ولأبي ذر عن الحموي والكشميهني: هو أي الرسول عليه الصلاة والسلام ( على طمع أن يدخلوا مكة) وهذه الزيادة ذكرها الراوي لبيان أن الحلق كان محظور بسبب الأذى لا لقصد التحلل بالحصر وهو ظاهر، ( فأنزل الله) عز وجل ( الفدية) المتعلقة بالحلق للأذى في قوله تعالى: { فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه} الآية ( فأمره) أي كعبًا ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يطعم فرقًا) بفتح الراء والمحدثون يسكنونها وهو ستة عشر رطلاً ( بين ستة) من المساكين ( أو يهدي شاة) بضم أوله منصوبًا عطفًا على أن يطعم ( أو يصوم ثلاثة أيام) بالنصب عطفًا على سابقه.





[ قــ :1736 ... غــ : 1818 ]
- وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ -رضي الله عنه- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ".
مِثْلَهُ.

( وعن محمد بن يوسف) الفريابي وهو عطف على قوله: حدّثنا روح فيكون إسحاق رواه عن روح بإسناده وعن محمد بن يوسف قال: ( حدّثنا ورقاء) بن عمر بن كليب اليشكري ( عن ابن أبي نجيح) عبد الله ( عن مجاهد قال: أخبرنا) ولأبوي ذر والوقت: حدثني من التحديث بالإفراد ( عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رآه وقمله يسقط على وجهه مثله) بالنصب أي مثل الحديث المذكور، والواو في قوله وقمله للحال.
وفي الحديث أن السنة مبينة لمجمل القرآن لإطلاق الفدية فيه وتقييدها بالسنة وتحريم حلق الرأس على المحرم والرخصة له في حلقها إذا آذاه القمل أو غيره من الأوجاع.

واستنبط منه بعض المالكية إيجاب الفدية على من تعمد حلق رأسه بغير عذر فإن إيجابها على المعذور من التنبيه بالأدنى على الأعلى، لكن لا يلزم من ذلك التسوية بين المعذور وغيره، ومن ثم قال الشافعي: لا يتخير العامد بل يلزمه الدم.