فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يقتل المحرم من الدواب

باب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ
هذا ( باب) بالتنوين ( ما يقتل المحرم من الدواب) جمع دابة وأصلها داببة فأدغمت إحدى الباءين في الأخرى وهو اسم لكل حيوان لأنه يدب على وجه الأرض والهاء للمبالغة، ثم نقله العرف العام إلى ذوات القوائم الأربع من الخيل والبغال والحمير ويسمى هذا منقولاً عرفيًا، ولو عبّر بالحيوان لكان يشمل الغراب والحدأة المذكورين في الحديث لكنه نظر إلى جانب الأكثر.


[ قــ :1744 ... غــ : 1826 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ».


وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ... [الحديث 1826 - طرفه في: 3315] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن نافع) مولى ابن عمر بن الخطاب ( عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال)
:
( خمس من الدواب) بالرفع على الابتداء نكرة تخصصت بتاليها وخبره ( ليس على المحرم في قتلهن جناح) أي إثم أو حرج وجناح بالرفع اسم ليس مؤخرًا، وهذا الحديث ساقه المؤلّف مختصرًا وأحال به على طريق سالم وهو في الموطأ، وتمامه الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور.

( وعن عبد الله بن دينار) عطف على نافع أي قال مالك عن عبد الله بن دينار: ( عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ومقوله محذوف، وتمامه في مسلم: خمس من قتلهن وهو حرام فلا جناح عليه فيهن الفأرة والعقرب والكلب العقور والحديا والغراب.




[ قــ :1744 ... غــ : 187 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "حَدَّثَتْنِي إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ ... ".
[الحديث 187 - طرفه في: 188] .

وبالسند قال: ( حدّثنا مسدد) قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري ( عن زيد بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة ابن حرمل الجشمي الكوفي وليس له في الصحيح رواية عن غير ابن عمر ولا له فيه إلا هذا الحديث وآخر تقدم في المواقيت أنه ( قال: سمعت ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: حدثتني إحدى نسوة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) هي حفصة كما بينها في رواية سلام التالية وجهالة عين الصحابي لا تضر لأنهم كلهم عدول ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال:
( يقتل المحرم) اقتصر منه على هذا حالة على الطريق اللاحقة.




[ قــ :1744 ... غــ : 188 ]
- حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَتْ حَفْصَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ».

وبه قال: ( حدّثنا أصبغ) بالصاد المهملة والغين المعجمة، ولأبي ذر: أصبغ بن الفرج ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عبد الله بن وهب عن يونس) بن يزيد ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن سالم) هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب ( قال: قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
قالت: حفصة)
بنت عمر بن الخطاب زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سمى سالم ما أبهمه زيد، وقد خالف زيد نافعًا وعبد الله بن دينار في إدخال الواسطة بين ابن عمر والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووافق سالمًا كما ترى، ووقع في بعض طرق نافع

عن ابن عمر سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يرفع ما يوهمه إدخال الواسطة هنا من أن ابن عمر لم يسمع هذا الحديث من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( خمس من الدواب لا حرج) لا إثم ( على من قتلهن) مطلقًا في حل ولا حرم ( الغراب والحدأة) بكسر الحاء وفتح الدال المهملتين مهموزًا، ولأبي ذر: والحدأ ( والفأرة والعقرب والكلب العقور) .




[ قــ :1745 ... غــ : 189 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يَقْتُلُهُنَّ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ».
[الحديث 189 - طرفه في: 3314] .

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي الوقت: حدثني بالإفراد ( يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي أبو سعيد نزيل مصر ( قال: حدثني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله ( قال: أخبرني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عروة) بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلهن) المرء ( في الحرم) ولأبوي ذر والوقت: يقتلن بضم أوله وفتح ثالثه وسكون رابعه من غير هاء، وقوله فاسق صفة لكل مذكر ويقتلن فيه ضمير راجع إلى معنى كل وهو جمع وهو تأكيد لخمس قاله في التنقيح كما في غير نسخة منه.

وتعقبه في المصابيح بأن الصواب أن يقال: خمس مبتدأ وسوّغ الابتداء به مع كونه نكرة وصفه ومن الدواب في محل رفع أيضًا على أنه صفة أخرى لخمس، وقوله: يقتلن جملة فعلية في محل رفع على أنها خبر المبتدأ الذي هو خمس، وأما جعل كلهن تأكيدًا لخمس فمما يأباه البصريون وجعل فاسق صفة لكل خطأ ظاهر، والضمير في يقتلهن عائد على خمس لا على كل إذ هو خبره ولو جعل خبر كل امتنع الإتيان بضمير الجمع لأنه لا يعود عليها الضمير من خبرًا إلا مفردًا مذكرًا على لفظها على ما صرح به ابن هشام في المغني اهـ.

وعبر بقوله: فاسق بالإِفراد، ورواية مسلم فواسق بالجمع وذلك أن كل اسم موضوع لاستغراق أفراد المنكر نحو { كل نفس ذائقة الموت} [آل عمران: 185] والمعرف المجموع نحو { وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا} [مريم: 95] وأجزاء المفرد المعرف نحو كل زيد حسن، فإذا قلت: أكلت كل رغيف لزيد كانت لعموم الأفراد فإن أضفت الرغيف إلى زيد صارت لعموم أجزاء فرد واحد ولفظ كل مفرد مذكر معناه بحسب ما يضاف إليه، فإن أضيف إلى معرفة فقال ابن هشام في المغني فقالوا يجوز مراعاة لفظها ومراعاة معناها نحو: كلهم قائم أو قائمون وقد اجتمعنا في قوله تعالى: { إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ( 93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ( 94)

وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}
[مريم: 93 - 95] فراعى اللفظ أوّلاً والمعنى آخرًا، والصوابط أن الضمير لا يعود إليها من خبرها إلا مفردًا مذكرًا على لفظها نحو { وكلهم آتيه} الآية.
ومن ذلك { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} [الإسراء: 36] وفي الآية حذف مضاف وإضمار لما دل عليه المعنى لا اللفظ أي أن كل أفعال هذه الجوارح، كان المكلف مسؤولاً عنه.
اهـ.

وقد وقع في البخاري في كتاب الاعتصام بالسنة في باب: الاقتداء بسنن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى" قالوا: ومن يأبى؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" فقد أعاد الضمير من خبر كل المضافة إلى معرفة غير مفرد، وهذا الحديث فيه الأمران ولا يتأتى فيه ما ذكره من الجواب عن الآية، وذلك لأنه قال كلهن فاسق بالإِفراد ثم قال: يقتلن، وأما تسمية هؤلاء المذكورات فواسق فقال النووي: هي تسمية صحيحة جارية على وفاق اللغة فإن أصل الفسق الخروج فهو خروج مخصوص، والمعنى في وصف هذه بالفسق لخروجها عن حكم غيرها بالإِيذاء والإفساد وعدم الانتفاع، وقيل: لأنها عمدت إلى حبال سفينة نوح فقطعتها وقيل غير ذلك.

( الغراب) وهو ينقر ظهر البعير وينزع عينه ويختلس أطعمة الناس زاد في رواية سعيد بن المسيب عن عائشة الأبقع وهو الذي في ظهره وبطنه بياض، وقيل سمي غرابًا لأنه نأى واغترب لما أنفذه نوح عليه الصلاة والسلام يستخبر أمر الطوفان.

( والحدأة) بكسر الحاء وفتح الدال المهملتين مهموز وفي الفرع بسكون الدال وهي أخس الطير وتخطف أطعمة الناس.

( والعقرب) واحدة العقارب وهي مؤنثة والأنثى عقربة وعقرباء ممدود غير مصروف ولها ثماني أرجل وعيناها في ظهرها تلدغ وتؤلم إيلامًا شديدًا، وربما لسعت الأفعى فتموت، ومن عجيب أمرها أنها مع صغرها تقتل الفيل والبعير بلسعتها وأنها لا تضرب الميت ولا النائم حتى يتحرك شيء من بدنه فتضربه عند ذلك وتأوى إلى الخنافس وتسالمها وفي ابن ماجة عن عائشة قالت: لدغت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عقرب وهو في الصلاة فلما فرغ قال "لعن الله العقرب ما تدع مصليًا ولا غيره اقتلوها في الحل والحرم".

( والفأرة) بهمزة ساكنة، والمراد فأرة البيت وهي الفويسقة.
وروى الطحاوي في أحكام القرآن عن يزيد بن أبي نعيم أنه سأل أبا سعيد الخدري لم سميت الفأرة الفويسقة؟ قال: استيقظ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات ليلة وقد أخذت فأرة فتيلة لتحرق على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البيت فقام إليها فقتلها وأحل قتلها للحلال والمحرم.

وفي سنن أبي داود عن ابن عباس قال: جاءت فأرة فأخذت تجرّ الفتيلة فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الخمرة التي كان قاعدًا عليها فأحرقت منها موضع درهم.
زاد الحاكم

فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم، ثم قال: صحيح الإسناد.
وليس في الحيوان أفسد من الفأر لا يبقى على خطير ولا جليل إلا أهلكه وأتلفه.

( والكلب العقور) الجارح وهو معروف واختلف في غير العقور مما لم يؤمر باقتنائه فصرح بتحريم قتله القاضيان حسين والمارودي وغيرهما.
وفي الأم للشافعي الجواز، واختلف كلام النووي فقال في البيع من شرح المهذّب: لا خلاف بين أصحابنا في أنه محترم لا يجوز قتله، وقال في التيمم والغصب أنه غير محتوم، وقال في الحج: يكره قتله كراهة تنزيه وعلى كراهة قتله اقتصر الرافعي، وتبعه في الروضة وزاد أنها كراهة تنزيه.
وقال السرقسطي في غريبه: الكلب العقور يقال لكل عاقر حتى اللص المقاتل، وقيل هو الذئب.
وعن أبي هريرة أنه الأسد قاله السرقسطي، والتقييد بالخمس وإن كان مفهومه اختصاص المذكورات بالحكم لكنه مفهوم عدد وليس بحجة عند الأكثر، وعلى تقدير اعتباره فيحتمل أن يكون قاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أوّلاً ثم بين أن غير الخمس يشترك معها في الحكم، ففي بعض طرق عائشة عند مسلم أربع فأسقط العقرب، وفي بعضها ست، وهو عند أبي عوانة في المستخرج فزاد الحية، وفي حديث أبي هريرة عند ابن خزيمة زيادة ذكر الذئب والنمر على الخمس المشهورة فتصير بهذا الاعتبار سبعًا، لكن أفاد ابن خزيمة عن الذهلي أن ذكر الذئب والنمر من تفسير الراوي للكلب العقور فيه التنبيه بما ذكر على جواز قتل كل مضر من فهد وصقر وأسد وشاهين وباشق وزنبور وبرغوث وبق وبعوض ونسر.

وفي حديث الباب رواية التابعي عن التابعي والصحابي عن الصحابية والأخ عن أخته.




[ قــ :1746 ... غــ : 1830 ]
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَارٍ بِمِنًى إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ { وَالْمُرْسَلاَتِ} وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّي لأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اقْتُلُوهَا.
فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا".
[الحديث 1830 - أطرافه في: 3317، 4930، 4931، 4934] .

وبه قال: ( حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) بكسر الغين المعجمة آخره مثلثة وعمر بضم العين قال: ( حدّثنا أبي) حفص قال: ( حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: ( حدثني) بالإفراد ( إبراهيم) بن يزيد النخعي ( عن الأسود) بن يزيد النخعي ( عن عبد الله) هو ابن مسعود ( -رضي الله عنه-) أنه: ( قال: بينما) ولأبي الوقت: بينا ( نحن مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غار بمنى) أي ليلة عرفة كما عند الإسماعيلي من طريق ابن نمير عن حفص بن غياث ( إذ نزل عليه) صلاة الله وسلامه عليه سورة ( { والمرسلات} ) فاعل نزل والفعل إذا سند إلى مؤنث غير حقيقي يجوز تذكيره وتأنيثه، ( وأنه) عليه الصلاة والسلام ( ليتلوها وأني لأتلقاها) أتلقنها وآخذها ( من فيه) أي فمه الكريم ( وأن فاه) فمه ( لرطب بها) أي لم يجف ريقه بها ( إذ وثبت علينا حيّة فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمن معه من أصحابه) .


( اقتلوها) وفي رواية مسلم وابن خزيمة واللفظ له: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر محرمًا بقتل حيّة في المحرم بمنى ( فابتدرناها) أي أسرعنا إليها ( فذهبت فقال النبي) : ( وقيت) بضم الواو وكسر القاف مخففة أي حفظت ومنعت ( شركم) نصب مفعول ثان لوقيت وكذا قوله ( كما وقيتم شرها) أي لم يلحقها ضرركم كما لم يلحقكم شرها وهو من مجاز المقابلة.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير ومسلم في الحيوان والحج والنسائي في الحج والتفسير.




[ قــ :1747 ... غــ : 1831 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِلْوَزَغِ: فُوَيْسِقٌ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ".
[الحديث 1831 - طرفه في: 3306] .

وبه قال ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عروة بن الزبير) بن العوام ( عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) ( للوزغ) : بفتح الواو والزاي آخره غين معجمة واللام فيه بمعنى عن أبي قال عن الوزغ ( فويسق) بالتنوين مع ضم مصغرًا للتحقير والذم واتفقوا على أنه من الحشرات المؤذيات.

قالت عائشة: ( ولم أسمعه) عليه الصلاة والسلام ( أمر بقتله) قضية تسميته إياه فويسقًا أن يكون قتله مباحًا، وكون عائشة لم تسمعه لا يدل على منعه فقد سمعه غيرها.

وفي الصحيحين والنسائي وابن ماجة عن أم شريك أنها استأمرت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قتل الوزغات فأمرها بذلك.

وفي الصحيحين أيضًا أنه- أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقًا.

وفي مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من قتل وزغة من أوّل ضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الأولى".

وفي الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعًا "اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة" لكن في إسناده عمر بن قيس المكي وهو ضعيف.

ومن غريب أمر الوزغ ما قيل إنه يقيم في حجره من الشتاء أربعة أشهر لا يطعم شيئًا ومن طبعه أن لا يدخل بيتًا فيه رائحة زعفران، وقد وقع في رواية أبوي ذر والوقت هنا.

( قال أبو عبد الله) : أي البخاري ( إنما أردنا بهذا) أي بحديث ابن مسعود ( أن منى من الحرم وأنهم لم يروا بقتل الحية) التي وثبت عليهم في الغار ( بأسًا) كذا وقع سياق هذا آخر الباب في الفرع ومحله عقب حديث ابن مسعود على ما لا يخفى.