فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الحج والنذور عن الميت، والرجل يحج عن المرأة

باب الْحَجِّ وَالنُّذُورِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَالرَّجُلُ يَحُجُّ عَنِ الْمَرْأَةِ
( باب) حكم ( الحج والنذور) بلفظ الجمع وللنسفي فيما قاله في الفتح والنذر ( عن الميت و) حكم ( الرجل) وفي الفرع والرجل بالرفع على الاستئناف ( يحج عن المرأة) وكان ينبغي أن يقول والمرأة تحج عن المرأة ليطابق حديث الباب.
وأجاب الزركشي: بأنه استنبط ذلك من قوله اقضوا الله فإنه خاطبها بخطاب دخل فيه الرجال والنساء، فللرجل أن يحج عن المرأة ولها أن تحج عنه، وأما قول الحافظ ابن حجر في قوله: والرجل يحج عن المرأة نظر لأن لفظ الحديث أن امرأة سألت عن نذر كان على أبيها فكان حق الترجمة أن يقول: والمرأة تحج عن الرجل ثم قال: والذي يظهر لي أن البخاري أشار بالترجمة إلى رواية شعبة عن أبي بشر في هذا الحديث إنه قال فيه: أتى رجل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: إن أختي نذرت أن تحج الحديث وفيه: فاقض الله فهو أحق بالقضاء فلا يخفى ما فيه، فهنا حديث الباب إنما هو أن امرأة من جهينة قالت: إن أمي وكيف يقال بالطابقة بين ترجمة وحديث مذكور في باب آخر، والأصل أن المطابقة إنما تكون بين الترجمة وحديث الباب فليتأمل.


[ قــ :1767 ... غــ : 1852 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ".
[الحديث 1852 - طرفاه في: 6699، 7315] .


وبالسند قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف التبوذكي بفتح المثناة وضم الموحدة وسكون الواو وفتح المعجمة قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري ( عن أبي بشر) جعفر بن إياس ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة من جهينة) هي امرأة سنان بن سلمة الجهني كما في النسائي، ولأحمد سنان بن عبد الله وهو أصح، وفي الطبراني أنها عمته قاله الحافظ ابن حجر في المقدمة.

وقال في الفتح: ما في النسائي لا يفسر به المبهم في حديث الباب لأن في حديث الباب أن المرأة سألت بنفسها، وفي النسائي أن زوجها سأل لها، ويمكن الجمع بأن نسبة السؤال إليها مجازية، وإنما الذي تولى لها السؤال زوجها، لكن في حرف الغين المعجمة من الصحابيات لابن منده عن ابن وهب عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه أن غاثية بالغين المعجمة وبعد الألف مثلثة، وقيل نون وقبل الهاء مثناة تحتية سألت عن نذر أمها وجزم ابن طاهر في المبهمات بأنه اسم الجهنية المذكورة في حديث الباب، لكن قال الذهبي أرسله عطاء ولا يثبت.

( جاءت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت) : يا رسول الله ( إن أمي) لم تسم ( نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟) الفاء الداخلة عليها همزة الاستفهام الاستخباري عطف على محذوف أي أيصح مني أن أكون نائبة عنها فأحج عنها ( قال) عليه الصلاة والسلام.

( نعم حجي عنها) ولأبي الوقت قال: حجي فأسقط نعم، وفيه دليل على أن من مات وفي ذمته حق لله تعالى من حج أو كفارة أو نذر فإنه يجب قضاؤه ( أرأيت) بكسر التاء أي أخبريني ( لو كان على أمك دين) لمخلوق ( كنت قاضية) ذلك الدين عنها، وللحموي والمستملي: قاضيته بضمير المفعول ( اقضوا الله) أي حق الله ( فالله أحق بالوفاء) من غيره.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الاعتصام والنذور والنسائي في الحج.