فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من نذر المشي إلى الكعبة

باب مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى الْكَعْبَةِ
( باب من نذر المشي إلى الكعبة) هل يجب عليه الوفاء بذلك أم لا؟.


[ قــ :1779 ... غــ : 1865 ]
- حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ: مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ.
قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ.
وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ".
[الحديثة1865 - طرفه في: 6701] .

وبه قال: ( حدّثنا ابن سلام) بتخفيف اللام، ولأبوي ذر والوقت: محمد بن سلام قال: ( أخبرنا الفزاري) بفتح الفاء والزاي المخففة وبالراء هو مروان بن معاوية كما جزم به أصحاب الأطراف والمستخرجات ( عن حميد الطويل قال: حدثني) بالإفراد ( ثابت) البناني ( عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى شيخًا) قيل: هو أبو إسرائيل نقله مغلطاي عن الخطيب، لكن قال في فتح الباري: إنه ليس في كتاب الخطيب، وقيل اسمه قيس، وقيل قيصر ( يهادى) بضم التحتية وفتح الدال المهملة مبنيًا للمفعول ( بين ابنيه) لم يسميا أي يمشي بينهما معتمدًا عليهما ( فقال) : عليه الصلاة والسلام:
( ما بال هذا) ؟ أي يمشي هكذا ( قالوا) : وفي مسلم من حديث أبي هريرة قال ابناه: يا رسول الله ( نذر أن يمشي) أي نذر المشي إلى الكعبة ( قال) : عليه الصلاة والسلام ( إن الله) عز وجل ( عن تعذيب هذا نفسه لغني.
أمره)
ولأبي ذر عن الكشميهني: وأمره بالواو ( أن يركب) أن مصدرية أي أمره بالركوب وإنما لم يأمره بالوفاء بالنذر إما لأن الحج راكبًا أفضل من الحج ماشيًا فنذر المشي يقتضي التزام ترك الأفضل فلا يجب الوفاء به أو لكونه عجز عن الوفاء بنذره وهذا هو الأظهر قاله في الفتح.





[ قــ :1780 ... غــ : 1866 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: "نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ".
قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُفَارِقُ عُقْبَةَ.

حدّثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن يحيى بن أيوب عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة .. فذكر الحديث.

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد التميمي الفراء قال: ( أخبرنا هشام بن يوسف) بن عبد الرحمن ( أن ابن جريج) عبد الملك ( أخبرهم قال أخبرني) بالإفراد ( سعيد بن أبي أيوب) الخزاعي ( أن يزيد بن أبي حبيب) من الزيادة واسم أبي حبيب سويد ( أخبره أن أبا الخير) هو مرثد بن عبد الله ( حدثه عن عقبة بن عامر) الجهني -رضي الله عنه- أنه ( قال: نذرت أختي) هي أم حبان بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة بنت عامر الأنصاري كما قاله المنذري والقطب القسطلاني والحلبي كما نقلوه عن ابن ماكولا.
وتعقبه الحافظ ابن حجر فقال: لا يعرف اسم أخت عقبة هذا وما نسبه هؤلاء لابن ماكولا وهم فإنه إنما نقله عن ابن سعد وابن سعد، إنما ذكر في طبقات النساء أم حبان بنت عامر بن نابي بنون وموحدة ابن زيد بن حرام بمهملتين الأنصارية وأنه شهد بدرًا وهو مغاير للجهني ( أن تمشي إلى بيت الله) الحرام، ولأحمد وأصحاب السنن من طريق عبد الله بن مالك عن عقبة بن عامر الجهني: أن أخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة ( وأمرتني أن أستفتي لها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاستفتيته) ولأبوي ذر والوقت: فاستفتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وزاد الطبراني: أنه شكا إليه ضعفها ( فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لتمش) مجزوم بحذف حرف العلة، ولأبي ذر: لتمشي ( ولتركب) بسكون اللام وجزم الباء، وفي رواية عبد الله بن مالك: مرها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام، وفي رواية عكرمة عن ابن عباش عند أبي داود: فلتركب ولتهد بدنة.

( قال) : يزيد بن أبي حبيب ( وكان أبو الخير) مرثد بن عبد الله ( لا يفارق عقبة) بن عامر الجهني والمراد بذلك بيان سماع أبي الخير له من عقبة.

وبالسند قال: ( حدّثنا) وفي بعض الأصول وهو لأبوي ذر والوقت قال أبو عبد الله أي البخاري: حدّثنا ( أبو عاصم) النبيل الضحاك ( عن ابن جريج عن يحيى بن أيوب) أبي العباس الغافقي المصري ( عن يزيد) بن أبي حبيب ( عن أبي الخير) مرثد ( عن عقبة) الجهني ( فذكر الحديث) فأشار المؤلّف بهذا إلى أن لابن جريج فيه شيخين وهما: يحيى بن أيوب، وسعيد بن أبي أيوب.
وقد اختلف فيما إذا نذر أن يحج ماشيًا هل يلزمه المشي بناء على أن المشي أفضل من الركوب؟ قال الرافعي: وهو الأظهر، وقال النووي الصواب أن الركوب أفضل وإن كان الأظهر لزوم المشي بالنذر

لأنه مقصود، ثم إن صرح الناذر بأنه يمشي من حيث سكنه لزمه المشي من مسكنه وإن أطلق فمن حيث أحرم ولو قبل الميقات ونهاية المشي فراغه من التحللين، فلو فاته الحج لزمه المشي في قضائه لا في تحلله في سنة الفوات لخروجه بالفوات عن أجزائه عن النذر ولا في المضي في فاسده لو أفسده، ولو ترك المشي لعذر أو غيره أجزأه مع لزوم الدم فيهما والإثم في الثاني ولو نذر الحج حافيًا لم ينعقد نذر الحفاء لأنه ليس بقربة فله لبس النعلين وكالحج في ذلكَ العمرة.
وقال أبو حنيفة: من نذر المشي إلى بيت الله تعالى فعجز عنه فإنه يمشي ما استطاع فإذا عجز ركب وأهدى شاة، وكذا إن ركب وهو غير عاجز.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في النذور وكذا أبو داود.