فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: المدينة طابة

باب الْمَدِينَةُ طَابَةُ
( باب المدينة) بالإضافة من أسمائها ( طابة) وفي نسخة باب التنوين المدينة طابة، ولأبي ذر:

طابة بالتنوين وأصل طابة فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها أي من أسمائها طابة وليس فيه ما يدل على أنها لا تسمى بغير ذلك ولها أسماء كثيرة، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى فمن أسمائها: طيبة كهيبة وطيبة كصيبة وطائب ككاتب فهذه الثلاثة مع طابة كشامة أخوات لفظًا ومعنى مختلفات صيغة ومبنى وذلك لطيب رائحتها وأمورها كلها ولطهارتها من الشرك وحلول الطيب بها، صلوات الله وسلامه عليه ولطيب العيش بها ولكونها تنفي خبثها وتنصع طيبها ولله در الأشبيلي حيث قال:
لتربة المدينة نفحة ليس كما عهد من الطيب.

بل هو عجب من الأعاجيب.

وقال بعضهم مما ذكره في الفتح وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية لأن من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا يكاد يجدها في غيرها اهـ.

ومن أسمائها بيت الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال الله تعالى: { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} [الأنفال: 5] أي من المدينة لاختصاصها به اختصاص البيت بساكنه.

والحرم لتحريمها كما مرّ.

والحبيبة لحبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لها ودعائه به.

وحرم الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه الذي حرمها.
وفي الطبراني بسند رجاله ثقات حرم إبراهيم مكة وحرمي المدينة.

وحسنة قال الله تعالى: { لنبوّئنهم في الدنيا حسنة} [النحل: 41] أي مباهة حسنة وهي المدينة.

ودار الأبرار.

ودار الأخيار، لأنها دار المختار والمهاجرين والأنصار وتنفي شرارها ومن أقام بها منهم فليست له في الحقيقة بدار، وربما نقل منها بعد الاقبار.

ودار الإيمان.

ودار السنة.

ودار السلامة.

ودار الفتح.

ودار الهجرة فمنها فتحت سائر الأمصار، وإليها هجرة السيد المختار، ومنها انتشرت السنة في الأقطار.


والشافية لحديث، أترابها شفاء من كل داء وذكر ابن مسدي الاستشفاء بتعليق أسمائها على المحموم.

وقبة الإسلام لحديث المدينة قبة الإسلام.

والمؤمنة لتصديقها بالله حقيقة لخلقه قابلية ذلك فيها كما في تسبيح الحصى أو مجاز لاتصاف أهلها به وانتشاره منها وفي خبر: والذي نفسي بيده أن تربتها المؤمنة، وفي آخر أنها المكتوبة في التوراة مؤمنة.

ومباركة لأن الله تعالى بارك فيها بدعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لها وحلوله فيها.

والمختارة لأن الله تعالى اختارها للمختار من خلقه.

والمحفوظة لحفظها من الطاعون والدجال وغيرهما.

ومدخل صدق.

والمرزوقة أي المرزوق أهلها.

والمسكينة نقل عن التوراة كما مرّ وروي مرفوعًا إن الله تعالى قال للمدينة: يا طيبة يا طابة يا مسكينة لا تقبلي الكفور أرفع أجاجيرك على أجاجير القرى والمسكنة الخضوع والخشوع خلقه الله فيها أو هي مسكن الخاشعين أسأل الله العظيم بوجاهة وجهه الوجيه ونبيه النبيه عليه أفضل الصلاة والسلام أن يجعلني من ساكنيها المقربين حيًا وميتًا إنه جابر المنكسرين وواصل المنقطعين.

ومنها المقدسة لتنزهها عن الشرك وكونها تنفي الذنوب.

وأكالة القرى لغلبتها الجميع فضلاً وتسلطها عليها وافتتاحها بأيدي أهلها فغنموها وأكلوها.

وروى الزبير في أخبار المدينة من طريق عبد العزيز الدراوردي أنه قال: بلغني أن للمدينة في التوراة أربعين اسمًا.


[ قــ :1786 ... غــ : 1872 ]
- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ -رضي الله عنه-: "أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ تَبُوكَ حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ: هَذِهِ طَابَةُ".

وبالسند قال: ( حدّثنا خالد بن مخلد) البجلي الكوفي قال: ( حدّثنا سليمان) بن بلال التيمي القرشي ( قال: حدثني) بالإفراد ( عمرو بن يحيى) بفتح العين ابن عمارة الأنصاري المدني ( عن عباس بن سهل بن سعد) بالموحدة والمهملة في الأول وفتح المهملة وسكون الهاء في الثاني وسكون العين في الثالث الساعدي ( عن أبي حميد) بضم الحاء عبد الرحمن الساعدي ( -رضي الله عنه-) أنه قال: ( أقبلنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من) غزوة ( تبوك) سنة تسع من الهجرة ( حتى أشرفنا على المدينة فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

( هذه) اسمها ( طابة) كشامة، ولأبي ذر: طابة بالتنوين، وفي بعض طرقه طيبة كهيبة، ولمسلم عن جابر بن سمرة أن الله تعالى سمى المدينة طابة.

وحديث الباب هذا طرف من حديث طويل سبق في باب: خرص التمر من باب الزكاة والله أعلم.