فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من رفع صوته بالعلم

باب مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ
( باب من) أي الذي ( رفع صوته بالعلم) أي بكلام يدل على العلم فهو من باب إطلاق اسم المدلول على الدال، وإلاّ فالعلم صفة معنوية لا يتصوّر رفع الصوت به.


[ قــ :60 ... غــ : 60 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا

الصَّلاَةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ».
مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا.
[الحديث 60 - طرفاه في: 96، 163] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا أبو النعمان عارم بن الفضل) واسمه محمد وعارم لقبه السدوسي البصري المتوفى سنة ثلاث أو أربع وعشرين ومائتين، وسقط عند ابن عساكر والأصيلي وأبي ذر عارم بن الفضل ( قال: حدّثنا أبو عوانة) بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن إياس اليشكري عرف بابن وحشية الواسطي الثقة المتوفى سنة أربع وعشرين ومائة، ( عن يوسف) بتثليث السين المهملة مع الهمز وتركه ( ابن ماهك) بفتح الهاء غير منصرف للعلمية والعجمة لأن ماهك بالفارسية تصغير ماه وهو القمر بالعربي، وقاعدتهم إذا صغّروا الاسم جعلوا في آخره الكاف، وفي رواية الأصيلي ماهك بالصرف لأنه لاحظ فيه معنى الصفة، لأن التصغير من الصفات، والصفة لا تجامع العلمية لأن بينهما تضادًّا، وحينئذ يصير الاسم بعلة واحدة وهي غير مانعة من الصرف، وروي بكسر الهاء مصروفًا اسم فاعل من مهكت الشيء مهكًا إذا بالغت في سحقه، وعلى قول الدارقطني: إن ماهك اسم أمه يتعين عدم صرفه للعلمية والتأنيث، لكن الأكثرون على خلافه وأن اسمها مسيكة ابنة بهز بضم الموحدة وسكون الهاء وبالزاي الفارسي المكي المتوفى سنة ثلاث عشرة ومائة، وقيل غير ذلك ( عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاصي رضي الله عنهما.

( قال تخلف) أي تأخر خلفنا ( النبي) ولأبي ذر تخلّف عنّا النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفرة سافرناها) من
مكة إلى المدينة كما في مسلم ( فأدركنا) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي لحق بنا وهو بفتح الكاف ( وقد أرهقتنا) بتأنيث الفعل أي غشيتنا ( الصلاة) بالرفع على الفاعلية أي وقت صلاة العصر كما في مسلم، وفي رواية أرهقنا بالتذكير وسكون القاف لأن تأنيث الصلاة غير حقيقي والصلاة بالنصب على المفعولية أي أخّرناها وحينئذ فنا ضمير رفع، وفي الرواية الأولى ضمير نصب ( ونحن نتوضأ) جملة اسمية وقعت حالاً ( فجعلنا) أي كدنا ( نمسح) أي نغسل غسلاً خفيفًا أي مبقعًا حتى يرى كأنه مسح ( على أرجلنا) جمع رجل لقابلة الجمع، وإلاّ فليس لكل إلا رجلان، ولا يقال يلزم أن يكون لكل واحد رجل واحدة لأنّا نقول: المراد جنس الرجل سواء كانت واحدة أو اثنتين، ( فنادى) عليه الصلاة والسلام ( بأعلى صوته: ويل) بالرفع على الابتداء وهي كلمة عذاب وهلاك ( للأعقاب) المقصرين في غسلها أو العقب هي المخصوصة بالعقوبة ( من النار مرتين أو ثلاثًا) شك من ابن عمرو، وأل في الأعقاب للعهد، والمراد الأعقاب التي رآها لم ينلها المطهر، ويحتمل أن لا يختصّ بتلك الأعقاب المرئية له، بل المراد كل عقب لم يعمها الماء فتكون عهدية جنسية.