فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟

باب مَنْ سَمِعَ شَيْئًا فَرَاجَعَ حَتَّى يَعْرِفَه
هذا ( باب من سمع شيئًا) زاد في رواية أبي ذر فلم يفهمه ( فراجع) أي راجع الذي سمعه منه وللأصيلي فراجع فيه وفي رواية فراجعه ( حتى يعرفه) .


[ قــ :101 ... غــ : 101 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَّ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ» قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ: أَوَ لَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قَالَتْ: فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَهْلِكْ».
[الحديث 101 - أطرافه في: 4939، 6536، 6537] .

وبالسند قال: ( حدّثنا سعيد) بكسر العين ( ابن أبي مريم) الجمحي البصري المتوفى سنة أربع وعشرين ومائتين ونسبه لجد أبيه لأن أباه الحكم بن محمد بن أبي مريم ( قال: أخبرنا نافع بن عمر) وفي رواية أبي ذر ابن عمر الجمحي وهو قرشي مكي توفي سنة أربع وعشرين ومائة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( ابن أبي مليكة) بضم الميم وفتح اللام عبد الله بن عبيد الله:
( أن عائشة) بفتح الهمزة أي بأن عائشة ( زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) رضي الله عنها ( كانت لا تسمع) وفي رواية أبي ذر لا تستمع ( شيئًا) مجهولاً موصوفًا بصفة ( لا تعرفه إلاّ راجعت فيه) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( حتى) أي إلى أن ( تعرفه) وجمع بين كانت الماضي وبين لا تسمع المضارع استحضارًا للصورة الماضية لقوة تحققها ( وأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عطف على قوله أن عائشة ( قال من) موصول مبتدأ و ( حوسب) صلته و ( عذب) خبر المبتدأ ( قالت عائشة) رضي الله عنها ( فقلت أ) كان كذلك ( وليس يقول الله تعالى) وللأصيلي وكريمة عز وجل فيقول خبر ليس واسمها ضمير الشأن أو أن ليس بمعنى لا أي أو لا يقول الله تعالى { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8] أي سهلاً لا يناقش فيه ( قالت) عائشة ( فقال) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إنما ذلك العرض) بكسر الكاف لأنه خطاب المؤنث ( ولكن من نوقش الحساب) بالنصب على المفعولية أي من ناقشه الله الحساب أي من استقصى حسابه ( يهلك) بكسر اللام وإسكان الكاف

جواب من الموصول المتضمن معنى الشرط، ويجوز رفع الكاف لأن الشرط إذا كان ماضيًا جاز في الجواب الوجهان، والمعنى أن تحرير الحساب يفضي إلى استحقاق العذاب لأن حسنات العبد متوقفة على القبول وإن لم تحصل الرحمة المقتضية للقبول لا تقع النجاة، وظاهر قول ابن أبي مليكة أن عائشة كانت لا تسمع شيئًا إلا راجعته فيه.
الإرسال لأن ابن أبي مليكة تابعي لم يدرك مراجعتها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لكن قول عائشة فقلت أوليس يدل على أنه موصول.
والله أعلم.


باب هل يجعل للنساء يوماً على حِدَةٍ في العلم؟
هذا (باب) بالتنوين (هل يجعل) الإمام اللنساء يومًا على حدة في العلم) بكسر الحاء وتخفيف الدال المهملتين أي على انفراد، ولأصيلي وكريمة يجعل على صيغة المجهول ويوم بالرفع مفعول ناب عن فاعله.


[ قــ :101 ... غــ : 101 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
قَالَ: النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ.
فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلاَّ كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ».
فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَيْنِ؟ فَقَالَ: وَاثْنَيْنِ.
[الحديث 101 - طرفاه في: 149، 7310] .

وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا آدم) غير منصرف للعجمة والعلمية على القول بعجمته، وإلا فالعلمية ووزن الفعل وهو ابن أبي إياس (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: حدّثني) بالتوحيد (ابن الأصبهاني) بفتح الهمزة وقد تكسر وقد تبدل باؤها فاء عبد الرحمن بن عبد الله الكوفي (قال: سمعت أبا صالح ذكوان) بالدّال المعجمة وسكون الكاف حال كونه (يحدث عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك رضي الله عنه (قال) أي قال أبو سعيد:
(قال النساء) وفي رواية بإسقاط قال الأولى ولغير أبي ذر وأبي الوقت وابن عساكر قالت النساء بتاء التأنيث وكلاهما جائز في فعل اسم الجمع (للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غلبنا) بفتح الموحدة (عليك الرجال) بملازمتهم لك كل الأيام يتعلمون الدين ونحن نساء ضعفة لا نقدر على مزاحمتهم (فاجعل) أي انظر لنا فعيَّن (لنا يومًا) من الأيام تعلمنا فيه يكون منشؤه (من نفسك) أي من اختيارك لا من اختيارنا وعبر عن التعيين بالجعل لأنه لازمه (فوعدهن) عليه الصلاة والسلام (يومًا) ليعلمهنّ فيه (لقيهنّ فيه) أي في اليوم الموعود به ويومًا نصب مفعول ثانٍ لوعد.

قال العيني: فإن قلت: عطف الجملة البرية وهي فوعدهنّ على الإنشائية وهي فاجعل لنا، وقد منعه ابن عصفور وابن مالك وغيرهما.
أجيب: بأن العطف ليس على قوله فاجعل لنا يومًا، بل العطف على جميع الجملة من قوله: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يومًا من نفسك انتهى.


(فوعظهنّ) عليه الصلاة والسلام أي فوفى عليه الصلاة والسلام بوعدهنّ ولقيهنّ فوعظهنّ بمواعظ (وأمرهنّ) بأمور دينية (فكان فيما قال لهنّ: ما منكنّ امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان) التقديم (لها حجابًا) بالنصب خبر كان، وللأصيلي: ما منكن من امرأة بزيادة من زيدت تأكيدًا كما قال البرماوي وللأصيلي وابن عساكر والحموي حجاب بالرفع على أن كان تامّة أي حصل لها حجاب (من النار فقالت امرأة: و) من قدم (اثنين) ولكريمة واثنتين بتاء التأنيث والسائلة هي أم سليم كما عند أحمد والطبراني، وأم أيمن كما عند الطبراني في الأوسط، أو أم مبشر بالمعجمة المشددة كما بيّنه المؤلف (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (و) من قدم (اثنين) ولكريمة واثنتين أيضًا.

تنبيه: حكم الرجل في ذلك كالمرأة.




[ قــ :101 ... غــ : 10 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَذَا.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «ثَلاَثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ».
[الحديث 103 - طرفه في: 150] .


وبه قال: ( حدّثنا) وفي رواية أبوي ذر والوقت حدّثني ( محمد بن بشار) الملقب ببندار ( قال: حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر البصري ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن ذكوان) أبي صالح، وأفاد المؤلف هنا تسمية ابن الأصبهاني المبهم في الرواية السابقة ( عن أبي سعيد) أي الخدري كما للأصيلى ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا) أي بالحديث المذكور.
( وعن عبد الرحمن بن الأصبهاني) الواو في وعن للعطف على قوله في السابقة عن عبد الرحمن، والحاصل أن شعبة يرويه عن عبد الرحمن بإسنادين فهو موصول ومن زعم أنه معلق فقد وهم ( قال: سمعت أبا حازم) بالمهملة والزاي سلمان الأشجعي الكوفي، المتوفى في خلافة عمر بن عبد العزيز ( عن أبي هريرة قال) وفي رواية أبي ذر وقال بواو العطف على محذوف تقديره مثله أي مثل حديث أبي سعيد، وقال: ( ثلاثة لم يبلغوا الحنث) بكسر المهملة وبالمثلثة أي الإثم فزاد هذه على الرواية الأولى، والمعنى أنهم ماتوا قبل البلوغ فلم يكتب الحنث عليهم ووجه اعتبار ذلك أن الأطفال أعلق بالقلوب والمصيبة عند النساء أشد لأن وقت الحضانة قائم.