فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من سأل، وهو قائم، عالما جالسا

باب مَنْ سَأَلَ وَهْوَ قَائِمٌ عَالِمًا جَالِسًا
هذا ( باب من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا) بالنصب صفة لعالمًا المنصوب على المفعولية بسأل ومن موصول والواو للحال، والمراد جواز فعل ذلك إذا أمنت النفس فيه من الإعجاب وليس هو من باب من يتمثل له الناس قيامًا.



[ قــ :122 ... غــ : 123 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً.
فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ -قَالَ: وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا- فَقَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
[الحديث 123 - أطرافه في: 2810، 3126، 7458] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عثمان) بن أبي شيبة ( قال: أخبرني) بالإفراد وفي رواية حدّثنا ( جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه ( قال) :
( جاء رجل إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله) مبتدأ وخبره وقع مقول
القول، ( فإن أحدنا يقاتل غضبًا) نصب مفعول له والغضب حالة تحصل عند غليان الدم في القلب لإرادة الانتقام، ( ويقاتل حمية) نصب مفعول له أيضًا وهو بفتح الحاء وكسر الميم وتشديد المثناة التحتية وهي الأنفة من الشيء أو المحافظة على الحرم.
( فرفع) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إليه) أي إلى السائل ( رأسه) الشريف ( قال) أبو موسى أو من دونه: ( وما رفع إليه رأسه إلا أنه) أي السائل ( كان قائمًا) أي ما رفع لأمر من الأمور إلا لقيام الرجل فإن واسمها وخبرها في تقدير المصدر وفيه جواز وقوف

المستفتي لعذر أو لحاجة ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( من قاتل) بمقتضى القوّة العقلية ( لتكون) أي لأن تكون ( كلمة الله) أي دعوته إلى الإسلام أو كلمة الإخلاص ( هي العليا) لا من قاتل عن مقتضى القوّة الغضبية أو الشهوانية ( فهو في سبيل الله عز وجل) ويدخل فيه من قاتل لطلب الثواب ورضاء الله فإنه من إعلاء كلمة الله، وقد جمع هذا الجواب معنى السؤال لا بلفظه لأن الغضب والحمية قد يكونان لله تعالى أو لغرض الدنيا فأجاب عليه السلام بالمعنى مختصرًا إذ لو ذهب يقسم وجوه الغضب لطال ذلك ولخشي أن يلبس عليه.

فإن قلت: السؤال عن ماهية القتال والجواب ليس عنها بل عن المقاتل.
أجيب: بأن فيه الجواب وزيادة أوان القتال بمعنى اسم الفاعل أي المقاتل بقرينة لفظ فإن أحدنا ويكون عبّر بما عن العاقل.