فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من ترك بعض الاختيار، مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه

باب مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاِخْتِيَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ فَيَقَعُوا فِي أَشَدَّ مِنْهُ
( باب من) أي الذي ( ترك بعض الاختيار) أي فعل الشيء المختار أو الإعلام به ( مخافة) بغير تنوين أي لأجل خوف ( أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا) نصب بإسقاط النون عطفًا على المضارع المنصوب بأن ( في أشد منه) أي من ترك الاختيار وفي رواية الأصيلي في أشرّ بالراء، وفي أخرى لأبي ذر عن الكشميهني في شرّ منه بالراء مع إسقاط الهمزة.



[ قــ :125 ... غــ : 126 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ: كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا، فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الْكَعْبَةِ؟ قُلْتُ: قَالَتْ لِي: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا عَائِشَةُ لَوْلاَ قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ -قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: بِكُفْرٍ- لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ، وَبَابٌ يَخْرُجُونَ».
فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
[الحديث 126 - أطرافه في: 1583، 1584، 1585، 1586، 3368، 4484، 7243] .

وبه قال: ( حدّثنا عبيد الله) بالتصغير ( ابن موسى) العبسي مولاهم الكوفي ( عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي بفتح المهملة وكسر الموحدة نسبة إلى سبيع بن سبع، المتوفى سنة ستين ومائة ( عن) جده ( أبي إسحاق عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي أدرك الزمن النبوي وليست له رؤية، وتوفي بالكوفة سنة خمس وسبعين أنه ( قال) :
( قال لي ابن الزبير) عبد الله الصحابي المشهور ( كانت عائشة) رضي الله تعالى عنها ( تسرّ إليك) أسرارًا ( كثيرًا) من الإسرار ضد الإعلان، وفي رواية ابن عساكر تسرّ إليك حديثًا كثيرًا.
فإن قلت: قوله كانت للماضي وتسر للمضارع فكيف اجتمعا؟ أجيب: بأن تسر تفيد الاستمرار وذكر بلفظ المضارع استحضارًا لصورة الإسرار.
( فما حدّثتك في) شأن ( الكعبة) ؟ قال الأسود: ( قلت) وفي رواية أبي ذر فقلت ( قالت ليس قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم) بتنوين حديث ورفع عهدهم على إعمال الصفة ( قال) وفي رواية الأصيلي فقال ( ابن الزبير بكفر) كان الأسود نسي قولها بكفر فذكره ابن الزبير، وأما التالي الخ فيحتمل أن يكون مما نسي أيضًا أو مما ذكر، ورواه الإسماعيلي من طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاق بلفظ قلت حدّثني حديثًا حفظت أوله ونسيت آخره، وللترمذي كالمؤلف في الحج بجاهلية بدل قوله بكفر ( لنقضت الكعبة) جواب لولا ( فجعلت لها بابين باب يدخل) منه ( الناس وباب يخرجون) منه ولأبي ذر بابًا في الموضعين بالنصب على أنه بدل أو بيان لبابين وضمير المفعول محذوف من يدخل ويخرجون.
وفي رواية الحموي والمستملي كما في فرع اليونينية إثبات ضمير الثاني يخرجون منه وهي منازعة الفعلين ( ففعله) أي النقص المذكور والبابين ( ابن الزبير) وهذه المرة الرابعة من بناء البيت ثم بناه الخامسة الحجاج، واستمر.
وقد تضمن الحديث معنى ما ترجم له لأن قريشًا كانت تعظم أمر الكعبة جدًّا فخشي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يظنوا لأجل قرب عهدهم بالإسلام أنه غير بناءها لينفرد بالفخر عليهم في ذلك.