فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

باب مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَه
( باب من أجاب السائل بأكثر) وفي رواية ابن عساكر أكثر ( مما سأله) فلا يلزم مطابقة الجواب للسؤال بل إذا كان السؤال خاصًّا والجواب عامًّا جاز وأما ما وقع في كلام كثير من أهل الأصول أنَّ الجواب يجب أن يكون مطابقًا للسؤال.
فليس المراد بالمطابقة عدم الزيادة، بل المراد أن الجواب يكون مفيدًا للحكم المسؤول عنه ولفظ باب سقط عند الأصيلي.



[ قــ :133 ... غــ : 134 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ فَقَالَ: «لاَ يَلْبَسِ الْقَمِيصَ وَلاَ الْعِمَامَةَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ وَلاَ الْبُرْنُسَ وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ».
[الحديث 134 - أطرافه في: 366، 1542، 1838، 1842، 5794، 5803، 5805، 5806، 5847، 5852] .

وبالسند إلى المؤلف رحمه الله قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس ( قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) بكسر الذال المعجمة والهمزة الساكنة واسمه محمد بن عبد الرحمن المدني ( عن نافع) مولى ابن عمر رضي الله عنهما ( عن ابن عمر) رضي الله عنهما، ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وعن الزهري)
محمد بن مسلم ( عن سالم) هو ابن عبد الله ( عن ابن عمر) بضم العين وهو والد سالم ( عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي والزهري بإسقاط حرف الجر وكلاهما عطف على قوله عن نافع عن ابن عمر فهما إسنادان أحدهما عن آدم عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر، والآخر عن آدم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن ابن عمر، وفي بعض النسخ ح للتحويل قبل، وعن الزهري:
( أن رجلاً) لم أعرف اسمه ( سأله) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ما يلبس المحرم) بفتح المثناة التحتية والموحدة مضارع لبس بكسر الموحدة ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( لا يلبس) بفتح الأوّل والثالث ويجوز ضم السين على أن لا نافية وكسرها على أنها ناهية، والأوّل لأبي ذر ( القميص ولا العمامة) بكسر العين ( ولا السراويل ولا البرنس) بضم الموحدة والنون ( ولا ثوبًا مسّه الورس) بفتح الواو وسكون الراء آخره مهملة نبت أصفر من اليمن يصبغ به ( أو الزعفران) بفتح الزاي والفاء للأصيلي مسّه الزعفران أو الورس ( فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفّين وليقطعهما) بكسر اللام وسكونها عطف على فليلبس ( حتى) أن ( يكونا) أي غاية قطعهما ( تحت الكعبين) .


فإن قلت: السؤال قد وقع عما يلبس فكيف أجابه عليه السلام بما لا يلبس؟ أجيب: بأن هذا من بديع كلامه عليه الصلاة السلام وفصاحته لأن المتروك منحصر بخلاف الملبوس، لأن الإباحة هي الأصل فحصر ما يترك ليبيّن أن ما سواه مباح انتهى.

وفي هذا الحديث السؤال عن حالة الاختيار فأجابه عليه الصلاة والسلام عنها وزاده حالة الاضطرار في قوله: فإن لم يجد النعلين وليست أجنبية عن السؤال لأن حالة السفر تقتضي ذلك، وتأتي مباحث الحديث إن شاء الله تعالى في الحج بعون الله وقوته وفضله ومنّته.
وهذا آخر أحاديث كتاب العلم وعدة المرفوع منها مائة حديث وثلاثة أحاديث.

ولما فرغ المؤلف من ذكر أحاديث الوحي الذي هو مادة الأحكام الشرعية وعقبه بالإيمان ثم بالعلم شرع يذكر أقسام العبادات مرتبًا لذلك على ترتيب حديث الصحيحين "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمدًا رسول الله، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم

رمضان" قدم الصلاة بعد الشهادتين على غيرها لكونها أفضل العبادات بعد الإيمان، وابتدأ المؤلف بالطهارة لأنها مفتاح الصلاة كما في حديث أبي داود بإسناد صحيح ولأنها أعظم شروطها، والشرط مقدّم على المشروط طبعًا فقدّم عليه وضعًا فقال: