فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر «ليس من البر الصوم في السفر»

باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ»
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمن ظلل عليه) بشيء له ظل ( واشتد الحر) جملة فعلية حالية ( ليس من البر
الصوم في السفر)
.


[ قــ :1863 ... غــ : 1946 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهم- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة ( الأنصاري قال: سمعت محمد بن عمرو بن الحسن بن علي) بفتح العين وسكون الميم من عمرو وفتح الحاء من الحسن وجده أبو طالب ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفر) في غزوة الفتح كما في الترمذي ( فرأى زحامًا) بكسر الزاي اسم للزحمة والمراد هنا الوصف لمحذوف أي فرأى قومًا مزدحمين ( ورجلاً) قيل: وأبو إسرائيل العامري واسمه قيس، وعزاه مغلطاي لمبهمات الخطيب ونوزع في نسبة ذلك للخطيب ( فقد ظلل عليه) أي جعل عليه شيء يظلله من الشمس لما حصل له من شدة العطش

وحرارة الصوم وقوله: ظلل بضم الظاء مبنيًّا للمفعول والجملة حالية ( فقال) : عليه الصلاة والسلام:
( ما هذا) وللنسائي: ما بال صاحبكم هذا؟ ( فقالوا) أي من حضر من الصحابة، ولابن عساكر قالوا بإسقاط الفاء ( صائم فقال) : عليه الصلاة والسلام ( ليس من البر) بكسر الباء أي ليس من الطاعة والعبادة ( الصوم في السفر) إذا بلغ بالصائم هذا المبلغ من المشقّة ولا تمسك بهذا الحديث لبعض الظاهرية القائلين بأنه لا ينعقد الصوم في السفر لأنه عام خرج على سبب.

فإن قيل: بقصره عليه لم تقم به حجة وإن لم يقل بقصره عليه حمل على من حاله مثل حال الرجل وبلغ به ذلك المبلغ، وحديث صومه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى بلغ الكديد، وحديث فمنا الصائم ومنا المفطر يرد عليهم، وقول الزركشي وتبعه صاحب جمع العدّة لفهم العمدة من في قوله ليس من البر زائدة لتأكيد النفي، وقيل للتبعيض وليس بشيء تعقبه البدر الدماميني فقال: هذا عجيب لأنه أجاز ما المانع منه قائم ومنع ما لا مانع منه، وذلك أن من شروط زيادة من أن يكون مجرورها نكرة وهو في الحديث معرفة، وهذا هو المذهب المعوّل عليه وهو مذهب البصريين خلافًا للأخفش والكوفيين، وأما كونها للتبعيض فلا يظهر لمنعه وجه إذ المعنى أن الصوم في السفر ليس معدودًا من أنواع البر، وأما رواية ليس من امبرامصيام في امسفر بإبدال اللام ميمًا في لغة أهل اليمن فهي في مسند الإمام أحمد لا في البخاري، وحديث الباب رواه مسلم في الصوم وكذا أبو داود والنسائي.