فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الوصال إلى السحر

باب الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ
( باب) جواز ( الوصال إلى السحر) أطلق عليه وصالاً لمشابهته له في الصورة وإلا فحقيقة الوصال أن يمسك جميع الليل كالنهار، لكن يحتاج إلى ثبوت الدعوى بأن الوصال إنما هو حقيقة في إمساك جميع الليل، فقد ورد أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يواصل من سحر إلى سحر رواه أحمد وعبد الرزاق عن علي.


[ قــ :1884 ... غــ : 1967 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ».

وبالسند قال ( حدّثنا إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي ابن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي الزبيري المدني قال: ( حدثني) بالإفراد ( ابن أبي حازم) هو عبد العزيز ( عن يزيد) بن عبد الله بن الهاد ( عن عبد الله بن خباب) بمعجمة وموحدتين الأولى مثقلة المدني من موالي الأنصار وثقه أبو حاتم وغيره ( عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) .

( لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر) بالجر بحتى الجارة وهو قول اللخمي من المالكية ونقل عن أحمد وعبارة الوداوي في تنقيحه ويكره الوصال ولا يكره إلى السحر نصًا وتركه أولى انتهى.
وقال به أيضًا ابن خزيمة من الشافعية وطائفة من أهل الحديث ( قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال) : ( لست) ولابن عساكر قال: إني لست ( كهيئتكم إني أبيت) حال كوني ( لي مطعم) حال كونه ( يطعمني و) لي ( ساق) حال كونه ( يسقين) بفتح أوله وحذف الياء وإثباتها كما تقدم، وهذا لا يعارضه حديث أبي صالح عن أبي هريرة المروي عند ابن خزيمة من طريق عبيدة بن حميد عن الأعمش عنه بلفظ: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يواصل إلى السحر ففعل بعض أصحابه ذلك فنهاه الحديث لأن المحفوظ في حديث أبي صالح إطلاق النهي عن الوصال بغير تقييد بالسحر، فرواية عبيدة هذه شاذة.
وقد خالفه أبو معاوية وهو أضبط أصحاب الأعمش فلم يذكر ذلك أخرجه أحمد وغيره عن أبي معاوية وتابعه عبد الله بن نمير عن الأعمش كما سبق، وعلى تقدير أن تكون رواية عبيدة محفوظة فقد جمع ابن خزيمة بينهما باحتمال أن يكون نهي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الوصال أولاً مطلقًا سواء جميع الليل أو بعضه، وعلى هذا يحمل حديث أبي صالح ثم خص النهي بجميع الليل فأباح الوصال

إلى السحر، وعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد، وقيل يحمل النهي في حديث أبي صالح على كراهة التنزيه، وفي حديث أبي سعيد على ما فوق السحر على كراهة التحريم قاله في الفتح.

ثم شرع المؤلّف في أبواب التطوّع بالصوم فقال: