فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب اعتكاف النساء

باب اعْتِكَافِ النِّسَاءِ
( باب) حكم ( اعتكاف النساء) .


[ قــ :1949 ... غــ : 2033 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ.
فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً، فَأَذِنَتْ لَهَا فَضَرَبَتْ خِبَاءً.
فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى الأَخْبِيَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَأُخْبِرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: آلْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ؟ فَتَرَكَ الاِعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ".

وبالسند قال ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) هو ابن درهم قال ( حدّثنا يحيى) بن سعيد الأنصاري ( عن عمرة) بنت عبد الرحمن الأنصارية ( عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعتكف في العشر الأواخر من رمضان) والاعتكاف فيه آكد منه في غيره اقتداء به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وطلبًا لليلة القدر ( فكنت أضرب له خباء) بكسر الخاء المعجمة ثم موحدة ممدودًا أي خيمة من وبر أو صوف لا من شعر وهو على عمودين أو ثلاثة ( فيصلّى الصبح) في المسجد ( ثم يدخله) أي الخباء ( فاستأذنت حفصة) بنت عمر أم المؤمنين ( عائشة) نصب مفعول حفصة ( أن تضرب خباء) أي في ضرب خباء لها فأن مصدرية ( فأذنت لها) عائشة.
وفي رواية الأوزاعي الآتية إن شاء الله تعالى: فاستأذنته عائشة فأذن لها وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت ( فضربت) أي حفصة ( خباء) لها لتعتكف فيه ( فلما رأته) أي الخباء ( زينب ابنة) ولأبي ذر: بنت ( جحش) أم المؤمنين ( ضربت خباء آخر) زاد في رواية عمرو بن الحرث عند أبي عوانة: وكانت امرأة غيورًا ( فلما أصبح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى الأخبية) الثلاثة التي لأمهات المؤمنين ( فقال) :
( ما هذا) الذي أراه من الأخبية ( فأخبر) .
أي بأنها لأمهات المؤمنين ( فقال النبي) : ( آلبر) بهمزة الاستفهام ممدودة على وجه الإنكار والنصب على أنه مفعول مقدم لقوله ( ترون) بضم المثناة الفوقية وفتح الراء مبنيًّا للمفعول أي الطاعة تظنون ( بهن) ؟ أي متلبسًا بهن فالبر مفعول أول وبهن مفعول ثان وهما في الأصل مبتدأ وخبر والخطاب للحاضرين معه من الرجال وغيرهم، وفي رواية
ابن عساكر: تردن بضم الفوقية وكسر الراء وسكون الدال من الإرادة بدل قوله تردن أي أمهات المؤمنين، وفي نسخة: آلبر بالرفع على الابتداء والخبر ما بعده وإلغاء الفعل الذي هو تردن لتوسطه بين المفعولين وهما البر وبهن، ( فترك) عليه الصلاة والسلام ( الاعتكاف ذلك الشهر) مبالغة في الإنكار عليهن خشية أن يكن غير مخلصات في اعتكافهن بل الحامل لهن على ذلك الباهاة أو التنافس الناشئ عن الغيرة حرصًا على القرب منه خاصة فيخرج الاعتكاف عن موضوعه أو خاف تضييق المسجد على المصلين بأخبيتهن أو لأن المسجد يجمع الناس ويحضره الأعراب والمنافقون وهن محتاجات إلى الدخول والخروج فيبتذلن بذلك، ( ثم اعتكف) عليه الصلاة والسلام ( عشرًا من شوال) قضاء عما تركه من الاعتكاف في رمضان على سبيل الاستحباب لأنه كان إذا عمل عملاً أثبته، ولو كان للوجوب لاعتكف معه نساؤه أيضًا في شوال، ولم ينقل وفي رواية أبي معاوية عند مسلم حتى اعتكف الأولى من شوّال.

وقال الإسماعيلي: فيه دليل على جواز الاعتكاف بغير صوم لأن أول شوال هو يوم العيد وصومه حرام، واعترض بأن المعنى كان ابتداؤه في العشر الأول وهو صادق بما إذا ابتدأ باليوم الثاني فلا دليل فيه لما قاله.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصوم وكذا داود والترمذي، وأخرجه النسائي في الصلاة.