فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب بركة صاع النبي صلى الله عليه وسلم ومده

باب بَرَكَةِ صَاعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمُدِّه فِيهِ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( باب بركة صاع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومدّه) عليه الصلاة والسلام، وللحموي والمستملي والنسفيّ: ومدهم بصيغة الجمع.

قال الحافظ ابن حجر: الضمير يعود للمحذوف في صاع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي صاع أهل مدينة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومدّهم، وتعقبه العيني بأنه تعسف لأجل عود الضمير والتقدير بصاع أهل مدينة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير موجه ولا مقبول لأن الترجمة في بيان بركة صاع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الخصوص لا في بيان صاع أهل المدينة ولأهل المدينة صيعان مختلفة انتهى.

وقال في انتقاص الاعتراض المراد بصاعهم ما قدّروه على صاعه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاصة، وقد قال العيني بعد قليل: وأما وجه الضمير في مدّهم فهو أن يعود إلى أهل المدينة وإن لم يمض ذكرهم لأن القرينة اللفظية تدل على ذلك وهو لفظ الصاع والمدّ لأن أهل المدينة اصطلحوا على لفظ الصاع والمدّ كما اصطلح أهل الشام على المكوك انتهى.

فوقع في التعسف الذي عابه ( فيه) أي في صاعه الذي دعا له عليه الصلاة والسلام بالبركة ( عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله المؤلّف في آخر كتاب الحج في حديث طويل.


[ قــ :2045 ... غــ : 2129 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ لِمَكَّةَ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى) بن إسماعيل المنقري البصري قال: ( حدّثنا وهيب) مصغر ابن خالد البصري قال: ( حدّثنا عمرو بن يحيى) بن عمارة الأنصاري المدني ( عن عباد بن تميم الأنصاري عن عبد الله بن زيد) الأنصاري النجاري ( -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال:

( إن ابراهيم) الخليل عليه الصلاة والسلام ( حرم مكة) بتحريم الله ( ودعا لها وحرمت المدينة) أن يصاد فيها ( كما حرم إبراهيم مكة ودعوت لها في مدّها وصاعها) أن يبارك فيما كيل فيها ( مثل ما دعا إبراهيم) عليه الصلاة والسلام ( لمكة) وهذا الحديث قد سبق في كتاب الحج.




[ قــ :046 ... غــ : 130 ]
- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ.
يَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ".
[الحديث 130 - طرفاه في: 6714، 7331] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله بن مسلمة) بن قعنب القعنبي المدني سكن البصرة ( عن مالك) إمام دار الهجرة ( عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري المدني ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( اللهمّ بارك لهم) أي أهل المدينة ( في مكيالهم) بكسر الميم آلة الكيل أي فيما يكال في مكيالهم ( وبارك لهم في) ما يكال في ( صاعهم و) ما يكال في ( مدّهم) وحذف المقدّر لفهم السامع وهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال، وقد استجاب الله دعاء رسوله وكثر ما يكتال بهذا الكيل حتى يكفي منه ما لا يكفي من غيره في غير المدينة، ولقد شاهدت من ذلك ما يعجز عنه الوصف علم من أعلام نبوّته عليه الصلاة والسلام فينبغي أن يتخذ ذلك المكيال رجاء بركة دعوته عليه الصلاة والسلام والاستنان بأهل البلد الذين دعا لهم عليه الصلاة والسلام ( يعني أهل المدينة) وهل يختص بالمدّ المخصوص أو بكل مدّ تعارفه أهل المدينة في سائر الأعصار زاد أو نقص، وهو الظاهر لأنه أضافه إلى المدينة تارة وإلى أهلها أخرى ولم يضفه عليه الصلاة والسلام إلى نفسه الزكية فدلّ على عموم الدعوة لا على خصوصها بمدّه عليه الصلاة والسلام.

وهذا الحديث قد أخرجه المؤلّف أيضًا في الاعتصام وكفارات الإيمان، ومسلم والنسائي في المناسك.