فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب بيع الملامسة

باب بَيْعِ الْمُلاَمَسَةِ.
.

     وَقَالَ  أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( باب) حكم ( بيع الملامسة) مفاعلة من اللمس ويأتي تفسيرها في حديث الباب إن شاء الله

تعالى.
( قال أنس) مما وصله المؤلّف في بيع المخاضرة: ( نهى عنه) أي عن بيع الملامسة ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر: نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنه.


[ قــ :2060 ... غــ : 2144 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ -رضي الله عنه- أَخْبَرَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ، وَهْيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ.
وَنَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ، وَالْمُلاَمَسَةُ لَمْسُ الثَّوْبِ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ".

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين وفتح الفاء وبعد المثناة التحتية الساكنة راء ونسبه لجده لشهرته به واسم أبيه كثير المصري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( الليث) بن سعد الإمام ( قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا ( عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عامر بن سعد) بسكون العين ابن أبي وقاص ( أن أبا سعيد) سعد بن مالك الخدري ( -رضي الله عنه- أخبره) :
( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى) نهي تحريم ( عن المنابذة) بضم الميم وبالذال المعجمة قال أبو سعيد الخدري ( و) المنابذة ( هي طرح الرجل ثوبه) لمن يريد شراءه ( بالبيع) أي بسببه ( إلى رجل) آخر ( قبل أن يقلبه) ظهرًا لبطن ( أو) قبل أن ( ينظر إليه) ويتأمله.
( ونهى) النبي عليه الصلاة والسلام ( عن الملامسة، والملامسة) هي ( لمس الثوب لا ينظر) المستام ( إليه) .

وعند المؤلّف في اللباس من طريق يونس عن الزهري والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه إلا بذلك، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه وينبذ إليه الآخر بثوبه ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراضٍ.

وللنسائي من حديث أبي هريرة: والملامسة أن يقول الرجل للرجل: أبيعك ثوبي بثوبك ولا ينظر واحد منهما إلى ثوب الآخر ولكن يلمسه لمسًا، والمنابذة أن يقول أنبذ ما معي وتنبذ ما معك ليشتري كل واحد منهما من الآخر ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر ونحو ذلك.

ولمسلم من طريق عطاء بن مينا عن أبي هريرة: أما الملامسة فأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر لم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه، وهذا التفسير الذي في حديث أبي هريرة أقعد بلفظ الملامسة والمنابذة لأنهما كما مرّ مفاعلة فتستدعي وجود الفعل من الجانبين.
وظاهر الطرق كلها أن التفسير من الحديث المرفوع.
لكن وقع في رواية النسائي ما يشعر بأنه من كلام من دون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولفظه.
وزعم أن الملامسة أن يقول الخ ... فالأقرب أن يكون ذلك من كلام الصحابي لأنه يبعد أن يعبر الصحابي عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا اللفظ.


واختلف في تفسير الملامسة على ثلاث صور:
إحداها: أن يكتفي باللمس عن النظر ولا خيار له بعده بأن يلمس ثوبًا لم يره ثم يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه.

الثاني: أن يجعل اللمس بيعًا بأن يقول إذا لمسته فقد بعتكه اكتفاء بلمسه عن الصيغة.

الثالثة: أن يبيعه شيئًا على أنه متى لمسه لزم البيع وانقطع خيار المجلس وغيره اكتفاء بلمسه عن الإلزام بتفرّق أو تخاير وبطلان البيع المستفاد من النهي لعدم رؤية المبيع واشتراط نفي الخيار في الأولى ونفي الصيغة في عقد البيع في الثانية وشرط نفي الخيار في الثالثة.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في اللباس ومسلم وأبو داود والنسائي في البيوع.




[ قــ :061 ... غــ : 145 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ: أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ.
وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: اللِّمَاسِ، وَالنِّبَاذِ".

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) الثقفي قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن محمد) هو ابن سيرين ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال) :
( نهي) بضم أوله مبنيًّا للمفعول أي نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن لبستين) بكسر اللام على الهيئة لا بالفتح على المرة إحداهما ( أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد ثم يرفعه على منكبه) كملة أن مصدرية والتقدير نهى عن احتباء الرجل في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء، ولم يذكر في حديث أبي هريرة ثاني اللبستين المنهي عنهما وهو اشتمال الصماء.
قال البرماوي كالكرماني: اختصارًا من الراوي كأنه لشهرته.
وقال ابن حجر: وقد وقع بيان الثانية عند أحمد من طريق هشام عن ابن سيرين ولفظه: أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء وأن يرتدي في ثوب يرفع طرفيه على عاتقيه.

( و) نهى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن بيعتين) تثنية بيعة بفتح الموحدة وكسرها والفرق بينهما أن الفعلة بالفتح للمرة وبالكسر للحالة والهيئة.
قال البرماوي: والوجه الكسر لأن المراد الهيئة انتهى.
والذي في الفرع الفتح إحداهما ( اللماس و) الثانية ( النباذ) بكسر الأول منهما مصدر لامس ونابذ.

وهذا الحديث مضى في الصلاة في باب: ما يستر من العورة.