فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه

باب لاَ يُذَابُ شَحْمُ الْمَيْتَة، ِ وَلاَ يُبَاعُ وَدَكُهُ
رَوَاهُ جَابِرٌ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

هذا ( باب) بالتنوين ( لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه) بفتح الواو والمهملة دسم اللحم ودهنه الذي يخرج منه ( رواه) بمعناه ( جابر) فيما رواه المؤلّف في باب بيع الميتة والأصنام ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .


[ قــ :2137 ... غــ : 2223 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ فُلاَنًا بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا".
[الحديث 2223 - طرفه في: 3460] .

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا عمرو بن دينار قال: أخبرني) بالإفراد ( طاوس) اليماني ( أنه سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: بلغ عمر) زاد أبو ذر ابن الخطاب -رضي الله عنه- ( أن فلانًا) في مسلم وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن عيينة بهذا الإسناد أنه سمرة، وزاد البيهقي من طريق الزعفراني عن سفيان بن جندب ( باع خمرًا) أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية فباعها منهم معتقدًا جواز ذلك أو باع العصير ممن يتخذه خمرًا والعصير يسمى خمرًا باعتبار ما يؤول إليه أو يكون خلل الخمر ثم باعها ولا يظن بسمرة أنه باع الخمر بعد أن شاع تحريمها قاله القرطبي.
وقال الإسماعيلي: يحتمل أن سمرة علم تحريمها ولم يعلم تحريم بيعها ولذلك اقتصر عمر -رضي الله عنه- على ذمه دون عقوبته.

( فقال: قاتل الله فلانًا) يحتمل أنه لم يرد به الدعاء وإنما هي كلمة تقولها العرب عند إرادة الزجر فقالها عمر تغليظًا، والظاهر أن الراوي لم يصرح بسمرة تأدبًا من أن ينسب لأحد من الصحابة ما في ظاهره بشاعة، ومن ثم لم يفسره صاحب المصابيح الشيخ بدر الدين الدماميني وقال: رأيت الكف عن ذلك وآثرت السكوت عنه جزاه الله خيرًا لكن لما كان ذلك مصرحًا به في كتب الحديث التي بأيدي الناس كان الأولى التنبيه على المعنى والله تعالى يهدينا سواء السبيل بمنّه وكرمه.
( ألم يعلم) أي فلان ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ( قاتل الله اليهود) الأصل في فاعل أن يكون من اثنين فلعله عبّر عنه بما هو مسبب عنه فإنهم بما اخترعوا من الحيل انتصبوا فيها لمحاربة الله ومقاتلته ومن قاتله قتله، وفسره البخاري من رواية أبي ذر فاللعنة وهو قول ابن عباس.
وقال الهروي معناه قتلهم الله، وقال البيضاوي في سورة [التوبة: 30] { قاتلهم الله} دعا عليهم بالهلاك فإن من قاتله الله هلك وهو معنى ما سبق ( حرمت عليهم الشحوم) وجمع الشحم لاختلاف أنواعه وإلا فهو اسم جنس حقه الإفراد أي حرم عليهم كلها مطلقًا

من الميتة وغيرها وإلاّ فلو حرّم عليهم بيعها لم يكن لهم حيلة فيما صنعوه من إذابتها المذكور بقوله ( فجملوها) بفتح الجيم والميم أي أذابوها ( فباعوها) يعني فبيع فلان الخمر مثل بيع اليهود الشحم المذاب وكل ما حرّم تناوله حرم بيعه نعم المذاب للاستصباح ليس بحرام لأن الدعاء عليهم إنما هو مرتب على المجموع وفيه استعمال القياس في الأشباه والنظائر وتحريم بيع الخمر.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في ذكر بني إسرائيل، ومسلم في البيوع، والنسائي في الذبائح والتفسير، وابن ماجة في الأشربة.




[ قــ :138 ... غــ : 4 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودً، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا».
قَالَ أَبُو عَبْدُ اللهِ: { قَاتَلَهُمُ اللهُ} لَعَنَهُمْ.
{ قُتِلَ} : لُعِنَ.
{ الخَرّاصُونَ} : الكَذّابُونَ.

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: سمعت سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( قاتل الله يهود) بغير تنوين لأنه لا ينصرف للعلمية والتأنيث لأنه علم للقبيلة ويروى يهودًا بالتنوين على إرادة الحي فيصير بعلة واحدة فينصرف، وفي بعض الأصول قاتل الله اليهود بالألف واللام ( حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها) جمع ثمن ولم يقل في هذه الطريق فجملوها وزاد هنا في بعض الأصول في رواية المستملي: ( قال أبو عبد الله) البخاري: ( قاتلهم الله لعنهم) الله وهو تفسير لقاتل في اليهود لا لقاتل الواقع من عمر -رضي الله عنه- في حق فلان، واستشهد المؤلّف على ذلك بقوله تعالى: ( { قتل} ) أي ( لعن { الخراصون} ) أي ( { الكذابون} ) ، وهو تفسير ابن عباس رواه الطبري عنه في تفسيره.