فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب السلم إلى أجل معلوم

باب السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ
وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالأَسْوَدُ وَالْحَسَنُ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لاَ بَأْسَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مَا لَمْ يَكُ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ.

( باب السلم إلى أجل معلوم وبه) أي باختصاص السلم بالأجل ( قال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله الشافعي من طريق أبي حسان عن الأعرج عن ابن عباس، ( وأبو سعيد) الخدري فيما وصله عبد الرزاق، ( والأسود) بن يزيد مما وصله ابن أبي شيبة، ( والحسن) البصري مما وصله سعيد بن منصور.

( وقال ابن عمر) بن الخطاب مما وصله في الموطأ: ( لا بأس) بالسلف ( في الطعام الموصوف بسعر معلوم إلى أجل معلوم ما لم يك) أصله يكن فأسقط النون للتخفيف ( ذلك) السلم ( في زرع لم يبد صلاحه) فإن بدا صح وهذا مذهب المالكية كما مر تقريره في الباب السابق.


[ قــ :2162 ... غــ : 2253 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ: أَسْلِفُوا فِي الثِّمَارِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ".
.

     وَقَالَ  عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ.

     وَقَالَ : «فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن ابن أبي نجيح) عبد الله ( عن عبد الله بن كثير) بالمثلثة المقري أو ابن المطلب بن أبي وداعة ( عن أبي المنهال)

بكسر الميم عبد الرحمن ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة وهم) أي أهلها ( يسلفون) بضم التحتية وبالفاء ( في الثمار) بالمثلثة والجمع ( السنتين والثلاث فقال) عليه الصلاة والسلام.

( أسلفوا في الثمار في كيل معلوم) فيما يكال ( إلى أجل معلوم) .
وقد أشار المؤلّف بالترجمة إلى الرد على من أجاز السلم الحال وهو مذهب الشافعية واستدلّ له بهذا الحديث المذكور في أوائل السلم.

وقد أجاب الشافعية عنه كما سبق تقريره بحمل قوله إلى أجل معلوم على العلم بالأجل فقط فالتقدير عندهم من أسلم إلى أجل فليسلم إلى أجل معلوم لا مجهول، وأما السلم لا إلى أجل فجوازه بطريق الأولى لأنه إذا جاز مع الأجل وفيه الغرر فمع الحال أولى لكونه أبعد من الغرر فيصح السلم عند الشافعية حالاً ومؤجلاً فلو أطلق بأن لم يذكر الحلول ولا التأجيل انعقد حالاً ولو أقّت بالحصاد وقدوم الحاج ونحوهما مطلقًا لا يصح إذ ليس لهما وقت معين.

وقال الحنفية والمالكية: لا بد من اشتراط الأجل لحديث الباب وغيره واختلفوا في حدّ الأجل فقال المالكية أقله خمسة عشر يومًا على المشهور وهو قول ابن القاسم نظرًا إلى أن ذلك مظنة اختلاف الأسواق غالبًا.
وقال الطحاوي من الحنفية أقله ثلاثة أيام اعتبارًا بمدّة الخيار وعن بعض الحنفية لو شرط نصف يوم جاز وعن محمد شهر قال صاحب الاختيار وهو الأصح.

( وقال عبد الله بن الوليد) العدني ( حدّثنا سفيان) بن عيينة مما هو موصول في جامع سفيان قال: ( حدّثنا ابن أبي نجيح وقال في كيل معلوم) وزاد ( و) في ( وزن معلوم) وصرح فيه بالتحديث وهو في السابق بالعنعنة.




[ قــ :163 ... غــ : 54 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ قَالَ: "أَرْسَلَنِي أَبُو بُرْدَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فَسَأَلْتُهُمَا عَنِ السَّلَفِ فَقَالاَ: كُنَّا نُصِيبُ الْمَغَانِمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّأْمِ، فَنُسْلِفُهُمْ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.
قَالَ: قُلْتُ: أَكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ زَرْعٌ؟ قَالاَ مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: ( أخبرنا سفيان) الثوري ( عن سليمان الشيباني) بفتح المعجمة ( عن محمد بن أبي مجالد) بدون الألف واللام، ولأبي ذر: بإثباتهما أنه ( قال: أرسلني أبو بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري ( وعبد الله بن شداد) بالمعجمة وتشديد المهملة الأولى لما اختلفا في السلف ( إلى عبد الرحمن بن أبزى) بفتح الهمزة والزاي بينهما موحدة ساكنة ( وعبد الله بن أبي أوفى فسألتهما عن السلف فقالا) أي ابن أبزى وابن أبي أوفى

( كنا نصيب المغانم) هي ما أخذ من الكفار قهرًا ( مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكان يأتينا أنباط) جمع نبط كفرس ونبيط كجميل وهم نصارى الشأم الذين عمروها أو المزارعون ( من أنباط الشام فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب) ، ولأبي ذر: والزيت بالمثناة الفوقية آخره بدل الزبيب بالموحدة ( إلى أجل مسمى) لم يذكر إلى أجل مسمى في الرواية السابقة في باب السلم إلى من ليس عنده أصل ( قال) أي ابن أبي المجالد ( قلت) لهما ( أكان لهم) أي للأنباط ( زرع أو لم يكن لهم زرع قال: ما كنا نسألهم عن ذلك) .

ومطابقته للترجمة في قوله إلى أجل مسمى كما لا يخفى، وقد ذكر الحديث قريبًا من ثلاث طرق باختلاف الشيوخ والزيادة في المتن وغيره.