فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب


[ قــ :185 ... غــ : 189 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجْهِهِ وَهْوَ غُلاَمٌ مِنْ بِئْرِهِمْ.
.

     وَقَالَ  عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ وَغَيْرِهِ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ.

وبالسند قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني أحد الأئمة ( قال: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد) بسكون العين وسبق ذكره في باب ذهاب موسى في البحر إلى الخضر ( قال: حدّثنا أبي) إبراهيم ( عن صالح) هو ابن كيسان ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: أخبرني) وفي رواية حدّثني بالإفراد فيهما ( محمود بن الربيع) بفتح الراء ( قال) أي ابن شهاب:
( وهو) أي محمود ( الذي مج) أي رمى ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من فيه ماء ( في وجهه) يمازحه ( وهو غلام) جملة اسمية وقعت حالاً ( من بئرهم) أي بئر محمود وقومه، والذي أخبر به محمود هو قوله: عقلت من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو ( وقال عروة) بن الزبير بن العوام مما وصله المؤلف في كتاب الشروط ( عن المسور) بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الواو
ابن مخرمة بفتح الميم وسكون المعجمة وفتح الراء الزهري ابن بنت عبد الرحمن بن عوف، المتوفى في زمن محاصرة الحجاج مكة بحجر أصابه من المنجنيق وهو يصلي في الحجر سنة أربع وستين بعد خمسة أيام من الإصابة المذكور ( و) عن ( غيره) هو مروان بن الحكم ( يصدق كل واحد منهما) أي من المسور ومروان ( صاحبه) أي حديث صاحبه الحديث إلى أن قال، قال عروة بن مسعود الثقفي حاكيًا لمشركي مكة زمن الحديبية شدة تعظيم الصحابة للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( وإذا توضأ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كادوا) ولأبي ذر في غير اليونينية كانوا بالنون ( يقتتلون على وضوئه) بفتح الواو ومبالغة منهم في التنافس عليه، وصوّب الحافظ ابن حجر رواية الدال قال: لأنه لم يقع منهم قتال، وإنما حكى ذلك عروة بن مسعود لما رجع إلى قريش

باب
( باب) بالتنوين بغير ترجمة كما في رواية المستملي وهو ساقط في رواية الأكثرين من غير فصل بين آخر الحديث السابق واللاحق.


[ قــ :186 ... غــ : 190 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْجَعْدِ قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَقِعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ.
ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلِ زِرِّ الْحَجَلَةِ.
[الحديث 190 - أطرافه في: 3540، 3541، 5670، 635] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الرحمن بن يونس) البغدادي المستملي لسفيان بن عيينة وغيره وهو أحد الحفاظ، المتوفى فجأة سنة أربع وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا حاتم بن إسماعيل) بالحاء المهملة والمثناة الفوقية الكوفي نزيل المدينة، المتوفى بها سنة ست وثمانين ومائة في خلافة هارون ( عن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة، وللأكثرين الجعيد بالتصغير وهو المشهور ابن عبد الرحمن بن أوس المدني الكندي ( قال) :

( سمعت السائب بن يزيد) بالسين المهملة والمثناة التحتية آخره موحدة والثاني من الزيادة الكندي من صغار الصحاية كان مع أبيه في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولد في السنة الثانية من الهجرة، وخرج مع الصبيان إلى ثنية الوداع لتلقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مقدمه من تبوك، وتوفي بالمدينة سنة إحدى وتسعين له في البخاري ستة أحاديث رضي الله عنه.
( يقول: ذهبت) أي مضت ( بي خالتي) لم تسم ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي) علبة بالعين المهملة المضمومة واللام الساكنة والموحدة بنت شريح ( وقع) بفتح الواو وكسر القاف والتنوين أي أصابه وجع في قدميه أو يشتكي لحم رجليه من الحفاء لغلظ الأرض والحجارة، وللكشميهني وقع بفتح القاف بلفظ الماضي أي وقع

في المرض، وفي الفرع لأبي ذر وكريمة وأبي الوقت وجع بفتح الواو وكسر الجيم والتنوين وعليه الأكثرون، والعرب تسمي كل مرض وجعًا.
قال السائب ( فمسح) عليه الصلاة والسلام ( رأسي) بيده الشريفة ( ودعا ليس بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه) بفتح الواو أي من الماء المتقاطر من أعضائه الشريفة، وبهذا التفسير تقع المطابقة بين الترجمة والحديث إذ فيه دلالة على طهارة الماء المستعمل ( ثم قمت خلف ظهره) عليه الصلاة والسلام ( فنظرت إلى خاتم النبوّة بين كتفيه) بكسر تاء خاتم أي فاعل الختم وهو الإتمام والبلوغ إلى الآخر وبفتحها بمعنى الطابع ومعناه الشيء الذي هو دليل على أنه لا نبي بعده، وفيه صيانة لنبوّته عليه الصلاة والسلام عن تطرق القدح إليها صيانة الشيء المستوثق بالختم، وفي رواية أحمد من حديث عبد الله بن سرجس في نغض كتفه اليسرى بضم النون وفتحها وسكون الغين المعجمة آخره ضاد معجمة أعلى الكتف أو العظم الدقيق الذي على طوفه ( مثل) بكسر الميم وفتح اللام مفعول نظرت وللأصيلي مثل بكسرها بدل من المجرور ( زرّ الحجلة) بكسر الزاي وتشديد الراء واحد الأزرار والحجلة بفتح المهملة والجيم واحدة الحجال، وهي بيوت تزين بالثيات والستور والأسرة لها عرى وأزرار، وفي رواية أحمد من حديث أبي رميمة التيمي قال: خرجت مع أبي حتى أتيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرأيت على كتفه مثل التفاحة فقال أبي: إني طبيب ألا أطبها لك؟ قال طبيبها الذي خلقها.

فإن قلت: هل وضع الخاتم بعد مولده عليه الصلاة والسلام أو ولد وهو به؟ أجيب: بأن في الدلائل لأبي نعيم أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما ولد ذكرت أمه أنّ الملك غمسه في الماء الذي أنبعه ثلاث غمسات، ثم أخرج صرة من حرير أبيض فإذا فيها خاتم فضرب به على كتفه كالبيضة المكنونة تضيء كالزهرة، فهذا صريح في وضعه بعد مولده، وقيل: ولد به والله أعلم وفي كتابي المواهب مزيد لذلك، ويأتي إن شاء الله تعالى في صفته عليه الصلاة والسلام مزيد بحث لذلك.

ورواة هذا الحديث الأربعة ما بين بغدادي وكوفي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والسماع، وأخرجه المؤلف في صفته عليه الصلاة والسلام وفي الطب والدعوات، ومسلم في صفته عليه الصلاة والسلام، والترمذي في المناقب وقال حسن غريب من هذا الوجه، والنسائي في الطب.