فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الوضوء من غير حدث

باب الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ
( باب) حكم ( الوضوء من غير حدث) .


[ قــ :210 ... غــ : 214 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا.
ح.

قَالَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ.
قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي ( قال حدّثنا) ولابن عساكر أخبرنا ( سفيان) الثوري ( عن عمرو بن عامر) بالواو الأنصاري رضي الله عنه ( قال سمعت أنسًا) وللأصيلي أنس بن مالك ( ح) إشارة إلى التحويل أو الحائل أو إلى صح أو إلى الحديث كما مرّ البحث فيه.
( قال) أي المؤلف رحمه الله تعالى: ( وحدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن

سفيان)
الثوري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عمرو بن عامر) الأنصاري ( عن أنس) وللأصيلي أنس بن مالك رضي الله عنه ( قال) :

( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتوضأ عند كل صلاة) مفروضة من الأوقات الخمسة ولفظة كان تدل على المداومة فيكون ذلك له عادة لكن حديث سويد المذكور في الباب يدل على أن المراد الغالب، وفعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك كان على جهة الاستحباب وإلاّ لما كان وسعه ولا لغيره أن يخالفه، ولأن الأصل عدم الوجوب، وقال الطحاوي: يحتمل أنه كان واجبًا عليه خاصة، ثم نسخ يوم الفتح لحديث بريدة أي المروي في صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام صلى يوم الفتح الصلوات الخمس بوضوء واحد، وأن عمر رضي الله عنه سأله فقال عمدًا فعلته، وتعقب بأنه على تقدير القول بالنسخ كان قبل الفتح بدليل حديث سويد بن النعمان فإنه كان في خيبر وهي قبل الفتح بزمان اهـ.

( قلت: كيف كنتم تصنعون) القائل قلت عمرو بن عامر والخطاب للصحابة رضي الله عنهم: ( قال) أنس رضي الله عنه: ( يجزئ) بضم أوّله من أجزأ أي يكفي ( أحدنا الوضوء) بالرفع فاعل وأحدنا منصوب مفعول يجزئ ( ما لم يحدث) .
وعند ابن ماجة: وكنا نحن نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد، ومذهب الجمهور أن الوضوء لا يجب إلاّ من حدث، وذهب طائفة إلى وجوبه لكل صلاة مطلقًا من غير حدث وهو مقتضى الآية، لأن الأمر فيها معلق بالقيام إلى الصلاة وهو يدل على تكرار الوضوء وإن لم يحدث، لكن أجاب جار الله في كشافه بأنه يحتمل أن يكون الخطاب للمحدثين أو أن الأمر للندب، ومنع أن يحمل عليهما معًا على قاعدتهم في عدم حمل المشترك على معنييه، لكن مذهبنا أنه يحمل عليهما، وخصّ بعض الظاهرية والشيعة وجوبه لكل صلاة بالمقيمين دون المسافرين.
وذهب إبراهيم النخعي إلى أنه يصلي بوضوء واحد أكثر من خمس صلوات.

وهذا الحديث من السداسيات، ورواته ما بين فريابي، وكوفي وبصري، وللمؤلف فيه سندان.

ففي الأوّل التحديث بالجمع والعنعنة، وفي الثاني بصيغة الجمع والإفراد والعنعنة وفائدة إتيانه بالسندين مع أن الأوّل عالٍ لأن بين المؤلف وبين سفيان فيه رجل والثاني نازل لأن بينهما فيه اثنان أن سفيان مدلس وعنعنة المدلس لا يحتج بها إلا أن يثبت سماعه بطريق آخر، ففي السند الثاني أن سفيان قال: حدّثني عمرو وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة.




[ قــ :11 ... غــ : 15 ]
- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعَصْرَ، فَلَمَّا صَلَّى دَعَا بِالأَطْعِمَةِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ ثُمَّ صَلَّى لَنَا الْمَغْرِبَ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.


وبه قال: ( حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء ( قال: حدّثنا) ولابن عساكر أخبرنا
( سليمان) يعني ابن بلال كما في رواية عطاء ( قال: حدّثني) ولابن عساكر حدّثنا ( يحيى بن سعيد) الأنصاري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( بشير بن يسار) بضم الموحدة وفتح المعجمة في السابق وبفتح المثناة التحتية والسين المهملة في اللاحق ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سويد بن النعمان) بضم السين وفتح الواو الأوسي المدني ( قال خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام خيبر حتى إذا كنا بالصهباء) وهي أدنى خيبر ( صلى لنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العصر فلما صلى دعا بالأطعمة فلم يؤت إلا بالسويق فأكلنا وشربنا) من الماء أو من مائع السويق، ( ثم قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى) صلاة ( المغرب فمضمض) من السويق ( ثم صلى لنا) ولأبى ذر عن المستملي وصلى لنا ( المغرب ولم يتوضأ) والجمع بين حديثي الباب أن فعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأوّل كان غالب أحواله لكونه الأفضل، وفعله الثاني لبيان الجواز.
وهذا حديث من الخماسيات، وفيه التحديث بالجمع والإفراد وليس للمؤلف حديث لسويد بن النعمان إلا هذا، وقد أخرجه في مواضع كما مرّ التنبيه عليه في باب من مضمض من السويق.