فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع، أو مجاوزة الحد الذي أمر به

باب مَا يُحْذَرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاِشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ، أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ
( باب) بيان ( ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع) يحذر بضم أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه مخففًا، ولأبي ذر: يحذر بالتشديد ( أو مجاوزة الحد) قال الحافظ ابن حجر: كذا للأصيلي وكريمة ولابن شبويه أو يجاوز بالمثناة التحتية بدل الميم، ولأبي ذر والنسفيّ: جاوز الحد، وفي رواية بالفرع: أو جاز الحد ( الذي أمر به) سواء كان واجبًا أو مندوبًا.


[ قــ :2224 ... غــ : 2321 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ -وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ فَقَالَ- سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أُدْخِلَهُ الذُّلُّ» قَالَ مُحَمَّدٌ: وَاسْمُ أَبِي أُمَامَةَ صُدَيٌّ بْنُ عَجلانَ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا عبد الله بن سالم الحمصي) أبو يوسف قال: ( حدّثنا محمد بن زياد الألهاني) بفتح الهمزة وسكون اللام بعدها هاء فألف فنون فياء نسب أبو سفيان الحمصي ( عن أبي أمامة الباهلي) أنه ( قال و) الحال أنه ( رأى سكة) بكسر السين المهملة وتشديد الكاف المفتوحة الحديدة التي تحرث بها الأرض ( وشيئًا من آلة الحرث فقال: سمعت النبي) ولأبي ذر: سمعت رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :

( لا يدخل هذا بيت قوم) يعملون بها بأنفسهم ( إلا أدخله الذل) بضم الهمزة وكسر الخاء المعجمة مبنيًّا للمفعول، والذل رفع نائب عن الفاعل فلو كان لهم من يعمل لهم وأدخلت الآلة المذكورة دراهم للحفظ فليس مرادًا أو هو على عمومه، فإن الذل داخل شامل لكل من أدخل على نفسه ما يستلزم مطالبة آخر له، ولا سيما إذا كان المطالب من ظلمة الولاة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: إلا أدخله الله بفتح الهمزة والخاء مبنيًّا للفاعل الذلّ مفعول للاسم الكريم، وله عن الكشميهني: إلا دخله الذل بإسقاط الهمزة وحذف الجلالة والذل رفع.
وفي مستخرج أبي نعيم: إلا أدخلوا على أنفسهم ذلاًّ لا يخرج عنهم إلى يوم القيامة أي لما يلزمهم من حقوق الأرض التي يزرعونها ويطالبهم بها الولاة، بل ويأخذون منهم الآن فوق ما عليهم بالضرب والحبس، بل ويجعلونهم كالعبيد أو أسوأ من العبيد فإن مات أحد منهم أخذوا ولده عوضه بالغصب والظلم، وربما أخذوا الكثير من ميراثه ويحرمون ورثته، بل ربما أخذوا من ببلد الزراع فجعلوه زراعًا، وربما أخذوا ماله كما شاهدنا فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وكان العمل في الأراضي أول ما افتتحت على أهل الذمة فكان الصحابة يكرهون تعاطي ذلك.

قال في فتح الباري: وقد أشار البخاري بالترجمة إلى الجمع بين حديث أبي أمامة، والحديث السابق في فضل الزرع والغرس وذلك بأحد أمرين: إما أن يحمل ما ورد من الذم على عاقبة ذلك ومحله إذا اشتغل به فضيع بسببه ما أمر بحفظه، وإما أن يحمل على ما إذا لم يضيع إلا أنه جاوز الحد فيه.

( قال محمد) هو ابن زياد الراوي ( واسم أبي أمامة) الباهلي المذكور ( صديّ بن عجلان) بفتح العين المهملة وسكون الجيم وبعد اللام ألف ونون وصدي بضم الصاد وفتح الدال المهملتين آخره تحتية مشددة آخر من مات بالشام من الصحابة، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخرين في الأطعمة والجهاد وهو ثابت هنا في بعض النسخ وعليه شرح العيني وهو في هامش اليونينية بإزاء قوله في السند: عن أبي أمامة من غير إشارة لمحله مرقوم عليه علامة أبي ذر عن المستملي والكشميهني، وفي بعض النسخ وعزاه في الفتح وتبعه العيني للمستملي قال أبو عبد الله أي البخاري بدل قوله قال محمد.

وهذا الحديث من أفراد البخاري.