فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب المزارعة مع اليهود

باب الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْيَهُودِ
( باب) حكم ( المزارعة مع اليهود) أي وغيرهم من أهل الذمة.


[ قــ :2234 ... غــ : 2331 ]
- حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا".

وبه قال: ( حدّثنا ابن مقاتل) المروزي ولأبي ذر محمد المروزي المجاور بمكة قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: ( أخبرنا عبيد الله) بالتصغير ابن عمر العمري ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى خيبر اليهود على أن يعملوها) أي يتعاهدوا أشجارها بالسقي وإصلاح مجاري الماء وتقليب الأرض بالمساحي وقلبها للحرث وتلقيح الشجر وقطع المضر بالشجر من الحشيش ونحوه وغير ذلك ( ويزرعوها ولهم شطر) أي نصف ( ما يخرج منها) زاد في الرواية السابقة في باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة من ثمر أو زرع.

واعلم أن اليهود استمروا على هذه المعاملة إلى صدر من خلافة عمر -رضي الله عنه- فبلغه قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في وجعه: لا يجتمع في جزيرة العرب دينان فأجلاهم عنها، والذي ذهب إليه الأكثرون المنع من كراء الأرض بجزء مما يخرج منها، وحمل بعضهم هذا الحديث على أن المعاملة كانت مساقاة على النخل والبياض المتخلل بين النخيل كان يسيرًا فتقع المزارعة تبعًا للمساقاة، وذهب غيره إلى أن صورة هذه صورة المعاملة وليست لها حقيقتها فإن الأرض كانت قد ملكت بالاغتنام والقوم صاروا عبيدًا فالأموال كلها للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والذي جعل لهم منها بعض ماله لينتفعوا به لا على أنه حقيقة المعاملة، وهذا يتوقف على إثبات أن أهل خيبر استرقوا فإنه ليس بمجرد الاستيلاء يحصل الاسترقاق للبالغين قاله ابن دقيق العيد.

وقد سبق ما في الحديث قريبًا ومراد البخاري بهذه الترجمة الإعلام بأنه لا فرق في جواز هذه المعاملة بين المسلمين وأهل الذمة.