فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب هل يعطى أكبر من سنه

باب هَلْ يُعْطَى أَكْبَرَ مِنْ سِنِّهِ؟
هذا ( باب) بالتنوين ( هل يعطى) بفتح الطاء أي هل يعطي المستقرض للمقرض ( أكبر من سنّه) الذي اقترضه.


[ قــ :2291 ... غــ : 2392 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَعْطُوهُ.
فَقَالُوا: مَا نَجِدُ إِلاَّ سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَاكَ اللَّهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً".

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد بن مسربل بن مغربل أبو الحسن الأسدي البصري الثقة ( عن يحيى) بن سعيد القطان ( عن سفيان) الثوري أنه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( سلمة بن كهيل) الحضرمي أبو يحيى الكوفي ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً)

أعرابيًا ( أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتقاضاه بعيرًا) كان عليه الصلاة والسلام اقترضه منه ( فقال) ولأبوي ذر والوقت قال ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أعطوه) بهمزة قطع مفتوحة ولمسلم فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره ( فقالوا: ما) ولأبي ذر عن الكشميهني: لا ( نجد إلاّ سنًّا أفضل من سنّه) زاد في باب استقراض الإبل اشتروه فأعطوه إياه ( فقال الرجل) له عليه الصلاة والسلام: ( أوفيتني) أي أعطيتني حقّي وافيًا كاملاً ( أوفاك الله) بالهمزة قبل الواو الساكنة فيهما ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطوه) أي الأفضل ( فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء) وهذا من مكارم أخلاقه وليس هو من قرض جر منفعة إلى المقرض المنهي عنه لأن المنهي عنه ما كان مشروطًا في القرض كشرط ردّ عن مكسر أو ردّه بزيادة في القدر أو الصفة، والمعنى فيه أن موضوع القرض الإرفاق فإذا شرط لنفسه حقًّا خرج عن موضوعه فمنع صحته فلو فعل ذلك بلا شرط كما هنا استحب ولم يكره ويجوز للمقرض أخذها لكن مذهب المالكية أن الزيادة في العدد منهي عنها، واحتج الشافعية بعموم قوله فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء ولو شرط أجلاً لا يجرّ منفعة للمقرض بأن لم يكن له فيه غرض أو أن يردّ الأردأ أو المكسر أو أن يقرضه قرضًا آخر لغا الشرط وحده دون العقد لأن ما جرّه من المنفعة ليس للمقرض بل للمقترض والعقد عقد إرفاق فكأنه زاد في الإرفاق ووعده وعدًا حسنًا، لكن استشكل ذلك بأن مثله يفسد الرهن.

وأجيب: بقوّة داعي القرض لأنه مستحب بخلاف الرهن ويندب الوفاء باشتراط الأجل كما في تأجيل الدين الحال قاله ابن الرفعة.