فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}
( باب قول الله تعالى) في سورة هود: ( ألا لعنة الله على الظالمين) وأولها: { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18] قال ابن كثير: بيّن تعالى حال المفترين عليه وفضيحتهم في الدار الآخرة على رؤوس الخلائق من الملائكة والرسل وسائر البشر والجان، وقال غيره من جوارحهم، وفي قوله: { ألا لعنة الله على الظالمين} تهويل عظيم بما يحيق بهم حينئذٍ لظلمهم بالكذب على الله.


[ قــ :2336 ... غــ : 2441 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَىْ رَبِّ.
حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ.
.
وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ».
[الحديث 2441 - أطرافه في: 4685، 6070، 7514] .


وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف قال: ( حدّثنا همام) هو ابن يحيى بن دينار البصري العوذي بفتح العين المهملة وسكون الواو وكسر المعجمة ( قال: أخبرنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد فيهما ( قتادة) بن دعامة ( عن صفوان بن محرز) بضم الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الراء وبالزاي ( المازني) وقيل الباهلي البصري أنه ( قال: بينما) بالميم وفي رواية بينا ( أنا أمشي مع ابن عمر -رضي الله عنهما- آخذ بيده) بمد الهمزة مرفوع بدلاً من أمشي الذي هو خبر لقوله أنا والجملة حالية والضمير في يده لابن عمر وجواب بينما قوله ( إذ عرض) له ( رجل) لم أعرف اسمه ( فقال) له: ( كيف سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النجوى) وللكشميهني: يقول في النجوى أي التي تقع بين الله وعبده يوم القيامة وهو فضل من الله تعالى حيث يذكر المعاصي للعبد سرًّا ( فقال) ابن عمر -رضي الله عنهما- ( سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( يقول) :
( إن الله) عز وجل ( يدني المؤمن) أي يقربه ( فيضع عليه كنفه) بفتح الكاف والنون والفاء أي حفظه وستره، وفي كتاب خلق الأفعال في رواية عبد الله بن المبارك عن محمد بن سواء عن قتادة في آخر الحديث قال عبد الله بن المبارك كنفه ستره ( ويستره) عن أهل الموقف ( فيقول) تعالى له ( أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا) مرتين ولأبي ذر ذنبًا بالتنوين في الأخيرة ( فيقول) المؤمن ( نعم أي رب) أعرفه ( حتى إذا قرره بذنوبه) جعله مقرًّا بأن أظهر له ذنوبه وألجأه إلى الإقرار بها حتى يعرف منة الله عليه في سترها عليه في الدنيا وفي عفوه عنه في الآخرة وسقط في رواية أبي ذر لفظ إذا ( ورأى في نفسه أنه هلك) باستحقاقه العذاب ( قال) تعالى له: ( سترتها) أي الذنوب ( عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى) حينئذٍ ( كتاب حسناته، وأما الكافر) بالإفراد ( والمنافقون) بالجمع في رواية أبي ذر عن الكشميهني والمستملي وله عن الكشميهني أيضًا والمنافق بالإفراد ( فيقول الأشهاد) جمع شاهد وشهيد من الملائكة والنبيين وسائر الإنس والجن ( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين) .

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير والأدب والتوحيد ومسلم في التوبة والنسائي في التفسير وفي الرقائق وابن ماجة في السُّنَّة.