فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: أعن أخاك ظالما أو مظلوما

باب أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا
هذا ( باب) بالتنوين ( أعن أخاك) المسلم سواء كان ( ظالمًا أو مظلومًا) .


[ قــ :2338 ... غــ : 2443 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا».
[الحديث 2443 - طرفاه في: 2444، 6952] .

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي الوقت: حدّثني بالإفراد ( عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم بن عثمان أبو الحسن العبسي الكوفي قال: ( حدّثنا هشيم) بضم الهاء وفتح المعجمة بالتصغير ابن بشير بالتصغير أيضًا الواسطي قال: ( أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس) بضم العين مصغرًا ابن مالك الأنصاري ( وحميد الطويل) سقط الطويل لأبي ذر أن كلاًّ منهما ( سمع أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول) ولأبي ذر سمعا بالتثنية أي عبيد الله وحميد وقول العيني أن الضمير في سمع بلفظ الإفراد يعود على حميد لا يخفى ما فيه ( قال رسول الله) ولأبي ذر قال النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( انصر أخاك) أي فى الإسلام ( ظالمًا) كان ( أو مظلومًا) زاد في الإكراه من طريق أخرى عن هشيم عن عبيد الله وحده فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلومًا أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره" أي منعك إياه من الظلم نصرك إياه على شيطانه الذي يغويه وعلى نفسه التي تأمره بالسوء وتطغيه.




[ قــ :339 ... غــ : 444 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) بمهملات وتشديد الدال الأولى ابن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري قال: ( حدّثنا معتمر) من الاعتمار هو ابن سليمان بن طرخان التيمي ( عن حميد) الطويل ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا قالوا) : ولأبي الوقت في نسخة قال وفي الإكراه فقال رجل ( يا رسول الله) ولم يسم هذا الرجل ( هذا) أي الرجل الذي ( ننصره) حال كونه ( مظلومًا فكيف ننصره) حال كونه ( ظالمًا قال) عليه الصلاة والسلام ( تأخذ فوق يديه) بالتثنية وهو كناية عن منعه عن الظلم بالفعل إن لم يمتنع بالقول، وعنى بالفوقية الإشارة إلى الأخذ بالاستعلاء والقوّة وقد ترجم المؤلّف بلفظ الإعانة، وساق الحديث بلفظ النصر فأشار إلى ما ورد في بعض طرقه وذلك فيما رواه حديج بن معاوية وهو بالمهملة وآخره جيم مصغرًا عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا "أعن أخاك ظالمًا" الحديث.
أخرجه ابن عدي وأبو نعيم في المستخرج من الوجه الذي أخرجه منه المؤلّف.

قال ابن بطال: النصر عند العرب الإعانة، وقد فسر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نصر الظالم منعه من الظلم لأنك إذا تركته على ظلمه أدّاه ذلك إلى أن يقتص منه فمنعك له من وجوب القصاص نصرة له، وهذا من باب الحكم للشيء وتسميته بما يؤول إليه وهو من عجيب الفصاحة ووجيز البلاغة، وقد ذكر مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر سببًا لحديث الباب يستفاد منه زمن وقوعه ولفظه: اقتتل رجل من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجريّ يا للمهاجرين ونادى الأنصاري يا للأنصار فخرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "ما هذا أدعوى الجاهلية" قالوا: لا إن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر فقال: "لا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالمًا أو مظلومًا" الحديث.

وذكر المفضل الضبي في كتابه الفاخر: إن أول من قال انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم وأراد بذلك ظاهره وهو ما اعتادوه من حمية الجاهلية لا على ما فسره النبي وفي ذلك يقول شاعرهم:
إذا أنا لم أنصر أخي وهو ظالم ... على القوم لم أنصر أخي حين يظلم

قاله الحافظ ابن حجر.