فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب النهبى بغير إذن صاحبه

باب النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ
وَقَالَ عُبَادَةُ بَايَعْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لاَ نَنْتَهِب.


( باب النهبى) بضم النون وسكون الهاء وفتح الموحدة ( بغير إذن صاحبه) أي صاحب الشيء المنهوب.
( قال عبادة) بن الصامت الأنصاري مما وصله المؤلّف في وفود الأنصار: ( بايعنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا ننتهب) لأنه كان من شأن الجاهلية انتهاب ما يحصل لهم من الغارات فوقعت البيعة على الزجر عن ذلك.


[ قــ :2369 ... غــ : 2474 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّ -وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ- قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ".
[الحديث 2474 - طرفه في: 5516] .

وبه قال: ( حدّثنا آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا عدي بن ثابت) الأنصاري الكوفي قال: ( سمعت عبد الله بن يزيد) من الزيادة الخطمي ( الأنصاري) وللكشميهني ابن زيد قال ابن حجر وهو تصحيف ( وهو) يعني عبد الله بن يزيد ( جدّه) أي جدّ عدي بن ثابت ( أبو أمه) فاطمة واختلف في سماع عبد الله بن يزيد هذا من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال الدارقطني له ولأبيه صحبة وشهد بيعة الرضوان وهو صغير ( قال) :
( نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن النهبى والمثلة) بضم الميم وسكون المثلثة العقوبة الفاحشة في الأعضاء كجدع الأنف وقطع الأذن ونحوهما.




[ قــ :370 ... غــ : 475 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ».
وَعَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... مِثْلَهُ، إِلاَّ النُّهْبَةَ.
قَالَ الفَرْبَرِيُّ: وَجَدتُ بِخَطِّ أبَيِ جَعْفَرٍ: "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: تَفْسِيرُهُ أَنْ يَنزَعَ مِنهُ، يُرِيدُ الإِيمان" [الحديث 475 - أطرافه في: 5578، 677، 6810] .

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين وفتح الفاء ( قال: حدّثني) بالإفراد ( الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدّثنا عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحرث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني ( عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) كامل ( ولا يشرب) هو أي الشارب ( الخمر حين يشرب وهو مؤمن) أي كامل ففي يشرب ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية راجع إلى الشارب الدالّ عليه يشرب بالالتزام لأن يشرب يستلزم شاربًا وحسن ذلك تقدم نظيره وهو لا يزني الزاني وليس براجع إلى الزاني لفساد المعنى، وقول الزركشي فيه حذف الفاعل بعد النفي فإن الضمير لا يرجع إلى الزاني

بل لفاعل مقدّر دلّ عليه ما قبله أي ولا يشرب الشارب الخمر، تعقبه العلاّمة البدر الدماميني فقال في كلامه تدافع فتأمله، ووجه التدافع كونه قال فيه حذف الفاعل ثم قال فإن الضمير لا يرجع إلى الزاني بل لفاعل مقدّر لأن الفاعل عمدة فلا يحذف وإنما هو ضمير مستتر في الفعل ( ولا يسرق) أي السارق ( حين يسرق وهو مؤمن) كامل ( ولا ينتهب) الناهب ( نهبة يرفع الناس إليه) أي إلى المنتهب ( فيها) أي في النهبة ( أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن) كامل فالمراد سلب كمال الإيمان دون أصله أو المراد من فعل ذلك مستحلاًّ له أو هو من باب الإنذار بزوال الإيمان إذا اعتاد هذه المعاصي واستمر عليها.

وقال في المصابيح: انظر ما الحكمة في تقييد الفعل المنفي بالظرف في الجميع أي لا يزني الزاني حين يزني ولا يشرب الخمر حين يشربها ولا يسرق حين يسرق ولا ينتهب نهبة حين ينتهبها ويظهر لي والله أعلم أن ما أضيف إليه الظرف هو من باب التعبير عن الفعل بإرادته وهو كثير في كلامهم أي لا يزني الزاني حين إرادته الزنا وهو مؤمن لتحقّق قصده وانتفاء ما عداه بالسهو لوقوع الفعل منه في حين إرادته وكذا البقية فذكر القيد لإفادة كونه متعمدًا لا عذر له انتهى.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم لأنه يستفاد منه التقييد بالإذن في الترجمة لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن، ومفهوم الترجمة أنه إذن جاز ومحله في المنهوب المبتاع كالطعام يقدم للقوم فلكلٍّ منهم أن يأكل مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه.

وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الحدود ومسلم في الإيمان والنسائي في الأشربة وابن ماجة في الفتن.

( وعن سعيد) هو ابن المسيب ( وأبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي هريرة) - رضي الله عنه- ( عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثله) أي مثل حديث أبي بكر بن عبد الرحمن ( إلا النهبة) فلم يذكرها فانفرد أبو بكر بن عبد الرحمن بزيادتها.

( قال الفربري) محمد بن يوسف ( وجدت بخط أبي جعفر) هو ابن أبي حاتم ورّاق المؤلّف.
( قال أبو عبد الله) أي المؤلّف ( تفسيره) أي تفسير قوله: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ( أن ينزع منه يريد الإيمان) كذا في فرعين لليونينية وروايته فيها عن المستملي بلفظ يريد من الإرادة.
وقال في فتح الباري: نور الإيمان والإيمان هو التصديق بالجنان والإقرار باللسان ونوره الأعمال الصالحة واجتناب المناهي فإذا زنى أو شرب الخمر أو سرق ذهب نوره وبقي صاحبه في الظلمة.