فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: ما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة

باب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الصَّدَقَةِ
هذا ( باب) بالتنوين ( ما كان من خليطين) أي مخالطين وهما الشريكان ( فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة) قيد بالصدقة لوروده فيها لأن التراجع لا يصح بين الشريكين في الرقاب.


[ قــ :2382 ... غــ : 2487 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنه- كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله بن المثنى) بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري القاضي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبي) عبد الله ( قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا ( ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم ( ابن عبد الله بن أنس) وثمامة عمّ عبد الله بن المثنى ( أن) جده ( أنسًا) هو ابن مالك ( حدّثه أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كتب له فريضة الصدقة التي فرض) أي قدر ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( وما كان من خليطين) تثنية خليط وهو الشريك ( فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) أي أن الشريكين إذا خلطا رأس مالهما والربح بينهما فمن أنفق من مال الشركة أكثر مما أنفق صاحبه تراجعا عند القسمة بقدر ذلك لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر الخليطين في الغنم بالتراجع بينهما وهما شريكان فدلّ ذلك على أن كل شريكين في معناهما قاله أبو سليمان الخطابي.


وتعقبه ابن المنير: بأن التراجع الواقع بين الخليطين في الفتح ليس من باب قسمة الربح إنما أصله غرم مستهلك لأنّا نقدّر من لم يعط استهلك مال من أعطى إذا أعطى عن حق وجب على غيره وقيل إنما يقدر مستلفًا من صاحبه على ذلك الخلاف في وقت التقويم عند التراجع هل يقوّم وقت الأخذ أو وقت الوفاء فالأول على أنه استهلك والثاني على أنه استلف قال وفيه حجة لمذهب مالك رحمه الله أن من قام عن غيره بواجب فله الرجوع عليه وإن لم يكن أذن له في القيام عنه، وأما لو ذبح أحد الخليطين أو الشريكين من الشركة شيئًا فهو مستهلك فالقيمة يوم الاستهلاك قولاً واحدًا بخلاف ما يأخذه الساعي كذا نقله عن ابن المنير في المصابيح والفتح بنحوه مختصرًا.

وهذا الحديث بهذا السند قد ذكره المؤلّف في مواضع مقطعًا في عشرة مواضع سبق منها في الزكاة ستة وباقيها في الشركة والخمس واللباس وترك الحيل، وأخرجه أبو داود في موضع واحد بتمامه.